ريف دمشق | عادت قذائف الهاون لتستهدف العاصمة السورية، في الأيام الماضية، بعد تراجع نسبي، ما أعاد حال الهلع بين المواطنين إلى سابق عهدها. والهلع هذا، هو بالضبط مصدر قوة الهاون. وتشكّل بساتين الرازي (قرب حي كفرسوسة) وداريا وجوبر «مخازن كبرى» لقذائف الهاون في ريف دمشق، ومنها تُستهدف أجزاء واسعة من محافظة دمشق. وتندرج قذائف الهاون في خانتين، الأولى هي تلك القادمة كدعم من الخارج، «وتدخل عبر الحدود مع تركيا والأردن والعراق، وينحصر استخدامها في تلك المناطق، بالإضافة إلى بعض ما يمكن تسريبه إلى المناطق الداخلية القريبة»، بحسب أحد عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية.
أما المناطق الداخلية، وبالأخص مناطق ريف دمشق، فقد كانت تعتمد على الإمدادات القادمة من القلمون، تليها بعض الثغرات الواصلة بين أقاصي الريف الدمشقي والمنطقة الجنوبية، لا سيما درعا التي كانت تشكّل المصدر الثاني لقذائف الهاون بعد القلمون. غير أن التقدّم الميداني للجيش على جبهات الريف الشمالي والجنوبي، وضع حداً لإمدادات السلاح، ما جعل المسلحين في الريف مضطرين للجوء إلى صناعة قذائف الهاون محلياً.
التصنيع المحلي لهذه القذائف لا يتطلب سوى الاستيلاء على بعض معامل «الخراطة» المنتشرة في الريف، ليتم بعدها التصنيع بالاعتماد على الوسائل البدائية. ويروي م. النابلسي، أحد المهجرين من منطقة عربين لـ«الأخبار»: «غادرنا أنا وعائلتي بعد اشتداد المعارك، غير أن أخي، الذي يبلغ 16 عاماً منعه المسلّحون من مغادرة المنطقة، بسبب خبرته في مجال الخراطة. وخلال المعارك تم تدمير المعمل واستشهد. احتجزه المسلحون واعتبروه فداء للثورة». وعدا عن الدور النفسي الفاعل لقذيفة الهاون، فهي تلعب دوراً آخر، إذ يرى مصدر عسكري مطلع، رفض الكشف عن اسمه، أنه بعد فشل «الائتلاف» في انتزاع مكاسب في «جنيف 2»، يذهب المسلحون المدعومون منه إلى تغطية تراجعهم على الأرض، عن طريق إعطاء الأولوية لاستخدام الهاون. «لماذا الهاون؟ لأن إطلاقه لا يتطلب أكثر من أن تكون لك السيطرة على مساحة ضئيلة من الأرض، تضرب من خلالها قذيفتك. ليتم تصدير صورتك إعلامياً كطرف ما زالت لديه القوة على الأرض، ولتتحول هذه الصورة إلى ورقة بيد المعارضة في العملية السياسية»، يضيف.

500 قذيفة على جرمانا

وكان لمدينة جرمانا النصيب الأكبر من قذائف الهاون. يقول المصدر العسكري إنّه «يخطئ من يعتقد أن سبب سقوط القذائف على جرمانا، هو الطابع المؤيد لسكانها. القضية أبعد من ذلك. عدد سكان جرمانا قارب المليون نسمة، بعد حملات النزوح إليها، ولهذا فهي خزان بشري يؤمّن استهدافه أعداد إصابات أكبر، وهو ما يتم استثماره لإظهار المعارضة كطرف مسيطر. وهذا ما يفسّر التركيز على ضرب جرمانا بأكثر من 500 قذيفة هاون منذ بداية الأزمة».