القاهرة | يواصل النظام المصري استخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات مع كلّ من ينتمي الى جماعة «الإخوان المسلمين» أو يتعاطف معها. فبعد مصادرته أموال هؤلاء وشركاتهم، عبر اللجان الاستثنائية، لمصلحة خزانة الدولة بموجب قرارات قضائية بمجرد إدراج أسمائهم على قوائم الإرهاب، أصدرت محكمة «جنايات أمن الدولة ــــ طوارئ»، قبل أيام، حكماً بالسجن المؤبد على القيادي الإخواني حسن مالك ونجله، بالإضافة إلى عبد الرحمن سعودي و4 آخرين، فضلاً عن معاقبة 3 متهمين آخرين بالسجن المشدد 10 سنوات. وتضمّن الحكم أيضاً إلزام المحكومين بالاشتراك في دورات إعادة التأهيل الفكري، مع وضعهم تحت مراقبة الشرطة لمدة 5 سنوات، بعد انقضاء فترة العقوبة المقضي بها.وترجع وقائع القضية إلى شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، عندما ألقت قوة من الأمن الوطني القبض على حسن مالك، على الرغم من أنه لم يتحدث بالسياسة منذ عزل الرئيس محمد مرسي، مفضلاً الإبقاء على مشاريعه الاقتصادية وأمواله، حيث كان من القادة المحدودين لجماعة «الإخوان»، الذين لم يتورطوا في أي تصريحات أو مواقف تعرّضهم للمساءلة القانونية. لكن مالك واجه اتهامات بالإتجار بالعملة، والعمل على الإضرار بالاقتصاد القومي. وللمفارقة، فإنه على مستوى الإتجار بالعملة، وُجّه له اتهام بسعيه لأن يصل بسعر صرف الدولار إلى 10 جنيهات، في وقت لم يكن فيه السعر الرسمي يتجاوز 7 جنيهات، ولكن بعد نحو عام من القبض عليه، اتخذ البنك المركزي قرار تحرير سعر الصرف ليصل إلى 18 جنيهاً، بينما ظلّ مالك محبوساً بتهمة الإضرار بالاقتصاد القومي! واتسمت الاتهامات الموجهة لمالك ومن مَعه في القضية بأنها فضفاضة، وليست ذات أسس قانونية، سوى تحريات الأمن الوطني. ومن هذه التهم: محاولة التأثير على الرأي العام، وإمداد أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين» والجماعات الإرهابية في شمال سيناء بالأموال لتنفيذ عمليات إرهابية.
وعلى رغم أن محكمة «جنايات أمن الدولة ــــ طوارئ» هي صاحبة أول درجة في الحكم القضائي، إلا أن حكمها نهائي. وتعدّ هذه القضية من القضايا الأولى التي أحيلت إليها منذ إعلان رئيس الجمهورية حالة الطوارئ في نيسان/ أبريل 2017 لمدة 3 أشهر. وبموجب القانون، لا يجوز الطعن بأي وجه من الوجوه في الأحكام الصادرة عن محاكم أمن الدولة، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية. وينص القانون على جواز أن يقوم رئيس الجمهورية، عند عرض الحكم عليه، بتخفيف العقوبة المحكوم بها، أو تبديل عقوبة أخرى أقلّ منها بها، أو أن يلغي كل العقوبات أو بعضها، مهما كان نوعها أصلية أو تكميلية أو تبعية، أو أن يوقف تنفيذها. كما يجوز له إلغاء الحكم مع حفظ الدعوى، أو الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى.
وتعدّ محاكم «أمن الدولة ــــ طوارئ» محاكم استثنائية، تسري فقط فى حال إعلان رئيس الجمهورية حالة الطوارئ في البلاد. وتُشكَّل، في حالة الجنح والجرائم التي يعاقب عليها بالحبس والغرامة، من أحد قضاة المحاكم الابتدائية. أما في حالة الجنايات، فتشكل من ثلاثة مستشارين يعينهم رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي وزير العدل. ويجوز لرئيس الجمهورية أن يضمّ لتشكيل المحكمة قاضياً واثنين من ضباط القوات المسلحة من رتبة نقيب، أو ما يعادلها على الأقل في حال الجنح، وثلاثة مستشارين وضابطين من الضباط القادة في حالة الجنايات، بعد أخذ رأي وزير الدفاع.