طهران | بعد الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003، توقّف القطار الأول الذي انطلق عام 1967 بين إيران والعراق، وتحديداً البصرة. اقتصر بعدها على الرحلات الداخلية، وعمليات نقل البضائع، خصوصاً إثر قيام الجانب العراقي بإدخال تعديلات محدودة على السكة الحديدية في أراضيه. لكن، منذ انتهاء الاحتلال الأميركي، عاد الكلام عن إعادة تفعيل سكة القطار بين البلدين إلى الواجهة، من دون أي خطوة فعلية حتى 12 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، حين أوعز الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بمدّ سكة حديد من معبر شلمجة الحدودي (جنوب إيران) إلى البصرة في العراق، ومنه إلى سوريا (ميناء اللاذقية).يعتبر الجانب الإيراني أن خطوة كهذه، في ظلّ التضييق الأميركي على الجمهورية الإسلامية، ذات أهمية لمواجهة الهجمات المتتالية لتدمير اقتصاد الجمهورية الإسلامية. ويرى خبراء إيرانيون أن تفعيل هذه السكة سيسهّل عملية إعادة إعمار سوريا، وستحصل إيران بموجبه على تسهيلات وامتيازات تجارية واقتصادية، بالإضافة إلى انعكاسات إيجابية على قطاع النقل بين الدول الثلاث، وبالتالي على السياحة الدينية.
المشروع الإيراني ـــ العراقي، الممتدّ على طول 32 كلم، بحسب تصريح مدير شركة سكك الحديد الإيرانية، مازيار يزداني، سيشمل أيضاً تشييد جسر متحرك بطول 800 متر، وبتكلفة تبلغ 2200 مليار ريال ستتحملها إيران، بالإضافة إلى مدّ السكك في الداخل العراقي، والذي سيتحمّل العراق تكلفته في ما بعد.
سيسهّل القطار المشترك عملية نقل البضائع ويطوّرها


«تشييد هذه السكة سيُصوَّر للعالم بلسان أميركا وأدواتها على أنه خطوة إرهابية جديدة تسهل نقل السلاح لمحور المقاومة بين إيران والعراق وسوريا، وتوسيع النفوذ الإيراني العسكري في دول المنطقة»، بحسب ما يقول الخبير الاقتصادي أحمد موسوي، لـ«للأخبار». لكن موسوي يلفت إلى الفوائد الاقتصادية لكل الأطراف، في ظلّ رضًى كبير عبّرت عنه الدولة السورية والدولة العراقية، اللتين بدأتا بالفعل العمل على إصلاح السكك الداخلية لديهما منذ إعلان الرئيس الإيراني البدء بالمشروع. ويشير إلى أن إيران ستتحمل تكلفة الربط الخارجي، بالإضافة إلى أي دعم يحتاج إليه الجانب العراقي أو السوري في المشاريع المحلية ذات الصلة، مع اتفاق على آلية تسديد لاحقة.
ويستحضر موسوي الفوائد المختلفة لهذا المشروع، في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران، قائلاً إن «بدء العمل على هذه الخطوة في الوقت الراهن يعدّ خطوة جريئة، خصوصاً من ناحية التكاليف التي ستتحملها إيران، ولكن علينا أن ننظر إلى الإيجابيات على مختلف الصعد؛ ففضلاً عن تشجيع السياحة الدينية وغيرها، والتي تجمع شعوب هذه الدول في مناسبات كثيرة على مدار العام، والآن ستصبح الأمور أسهل لاستيعاب عدد أكبر من الزائرين، وبالتالي تنشيط القطاع السياحي»، سيسهّل القطار المشترك عملية نقل البضائع ويطوّرها، «فضلاً عن وصول الموانئ الإيرانية إلى واجهة البحر المتوسط، وبالتالي ستكون الأمور أسهل في مواجهة العقوبات الأميركية المتتالية. كما أن طهران ستكون قادرة أكثر «على تطبيق سياسة الاقتصاد الذكي بالخروج من الاعتماد على النفط بشكل كلي، وإيجاد صادرات أخرى من شأنها المساهمة في الحدّ من الأزمات الاقتصادية التي تواجهها».