القاهرة | على الرغم من ان الانتخابات الرئاسية في مصر لم تبدأ رسمياً حتى الآن، إلا أن الأجواء السياسية والأمنية المشتعلة انعكست بدورها على سباق الانتخابات الذي افتتحه رسمياً مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي بإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية، وتلاه رفض عبد المنعم أبو الفتوح المشاركة احتجاجاً على «جمهورية الخوف» التي نشأت بعد 3 تموز، فيما يترقب المصريون إعلان وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، موقفه الرسمي النهائي من الترشح.
نيران الانتخابات الرئاسية لفحت حركة «تمرد»، الظاهرة السياسية الأبرز في 2013، بعد نجاحها في جمع توكيلات إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي، والدعوة لتظاهرات 30 حزيران الحاشدة، بعد تبادل إعلان عدد من مؤسسي الحركة دعمهم لصباحي والسيسي.
إعلان المتحدث الإعلامي باسم الحركة حسن شاهين ومسؤول الاتصال السياسي محمد عبد العزيز، ومسؤول التنظيم خالد القاضي وآخرين، دعمهم لحمدين صباحي ورفض دعم السيسي، عزته مصادر مقربة منهم إلى الوجوه المرتبطة بالحزب الوطني المنحل، المتصدرة للمشهد الآن والمتحلقة حول السيسي. تلته دعوة مؤسس الحركة محمود بدر، لجمعية عمومية للحركة حضرها 22 مكتباً من المحافظات البالغ عددها 28 مكتباً، قرروا تشكيل لجنة لتسيير أعمال الحركة ومتابعة تحولها إلى حزب سياسي، وتعيين متحدثين إعلاميين آخرين، واستبعاد داعمي صباحي من مسؤولياتهم التنظيمية.
وفي تصريحات خاصة لـ«الأخبار»، رفض عضو لجنة تسيير أعمال الحركة محمد نبوي أي حديث عن وجود انقسام داخل الحركة، لأن «الكيان الرسمي المؤسسي لتمرد هو داعم للسيسي، أما قرار دعم صباحي فهو قرار فردي لأصحابه، الذين لم يلتزموا قرار الحركة». ووصف ما جرى بأنه «خلاف في وجهات النظر السياسية من قبل أشخاص هم جزء من الحركة وجزء من تاريخها، وبالتالي لا يمكن اتخاذ إجراءات كـالفصل بحقهم»، مشيراً إلى أن «الرسالة الواضحة» التي لا تقبل التأويل هي أن تمرد ليس بها انشقاقات ولا انقسامات، والحديث عن ذلك غير مقبول.
تصريحات نبوي المشددة على تماسك الحركة، يدحضها ما جرى على أرض الواقع في الجمعية العمومية التي دعا لها بدر وحضرها نجل الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، عبد الحكيم، حيث حدثت وقائع واشتباكات وصلت إلى حد إسالة الدماء بين الطرفين، وسط اتهامات بمنع الأمن دخول أفراد بعينهم لقاعة الاجتماع، وهو ما نشره موقع «تمرد» الرسمي على شبكة الإنترنت على لسان منسق الحركة في محافظة الفيوم أحمد عبد التواب الذي اتهم مؤيدي المرشح الرئاسي «الخاسر» كما وصفه الموقع بالتربص به والتعدي عليه بالضرب، مضيفاً: «إن كلاً من حسن شاهين ومحمد عزيز وخالد القاضي كانوا بصحبة محمود بدر قبل إعلان دعم الحركة للسيسي مباشرةً، ووافقوا على دعم الحركة للسيسي، ثم أعلنوا دعمهم لصباحي في قرار فردي مخالف لقرارات الحركة ولا يمثلها».
من جانبه، قال مسؤول لجنة العلاقات العامة في حركة تمرد شريف هلال، إنه «لا توجد من الأساس لائحة داخلية لمحاسبة أو تجميد عضوية أعضاء الحركة»، متهماً محمود بدر بأنه افتعل الأزمة للقيام باستعراض إعلامي، حيث استقدم مجموعات من المحافظات لحضور الجمعية العمومية، لا علاقة لهم بالحركة ولا يمتون إليها بأي صلة، ومنحهم أموالاً ووجبة طعام في استغلال لحاجتهم للمال.
من جهته، رأى الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يسري العزباوي في حديث لـ«الأخبار» أن مصير حركة تمرد هو نفسه مصير كل الحركات التي تنشأ من أجل هدف واحد، تتحلق حوله الجماهير مؤقتاً قبل أن تظهر الانشقاقات والاختلافات بسبب الظهور في وسائل الإعلام والشهرة والسمعة التي يجنيها البعض من وراء ذلك، ما يسهم في تفكك الحركة وانشطارها إلى كيانات متعددة.
وأضاف أن تمرد كحركة تضم بين أعضائها أكثر من اتجاه سياسي وأيديولوجيات مختلفة، فمن الطبيعي جداً أن تختلف حول المرشح الرئاسي، وخاصة مع عدم وجود آلية حقيقة وواضحة لاحتواء الخلافات أو عملية إدارة الخلاف، ما يُسهم في تفاقهما، مشيراً إلى أن مستقبل تمرد الحتمي هو «السير نحو الفناء».
وتوقع العزباوي أن تفشل تمرد في تأسيس حزب سياسي بسبب الانقسامات المتوالية، وأزمات التمويل، وعدم وجود كوادر حقيقية قادرة على الإدارة، وانسحاب التركيز الإعلامي عن الحركة إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما ينذر بتلاشي الحركة، مؤكداً أن موقف تمرد من تأييد أي من المرشحين الرئاسيين ليس له صدى في الشارع، لأن إدارة العملية الانتخابية وتربيطاتها وتنسيقاتها، تختلف تماماً عن الثورة التي تجمع الكل حول هدف واحد، بعيداً عن البرامج والأيديولوجيات المختلفة المتنافسة في الانتخابات.
ومن اللافت أن طرفي الحركة تبادلا السيطرة على نوافذها الإعلامية، حيث سيطرت جبهة مؤيدي السيسي على الموقع الإلكتروني لتمرد، فيما أدارت جبهة أنصار صباحي صفحة الحركة على موقع «فيسبوك».