بعد التقارير والمواقف التي عكست وجود مساعٍ جدية نحو إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، وقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، امام مسارين: إما العودة الى خيار استئناف العلاقات وتطبيعها مع اسرائيل، كما تطالب الادارة الاميركية، وهو ما يتطلب منه تجاوز شرط الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة، والاكتفاء ببعض التسهيلات المحدودة، او الانسجام مع الصورة التي حاول العمل عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة الماضية، في سياق الحراك الذي يشهده العالم العربي، وهو ما يتطلب منه التمسك الجدي بشرط فك الحصار عن القطاع، وخاصة بعد فشل الرهانات والخيارات التي انتهجها خلال السنوات الأخيرة، ومحاولة صرفه في الانتخابات البلدية المقبلة في تركيا.
بالرغم مما أعلنه وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، قبل ايام، بأن إسرائيل وتركيا «تقتربان أكثر من أي وقت مضى من تطبيع العلاقات بينهما»، طالب رئيس الوزراء التركي بـ«تعهد مكتوب» من اسرائيل برفع الحصار عن قطاع غزة، كشرط لإبرام اتفاقية مصالحة وتطبيع للعلاقات بين الجانبين. وأضاف أردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسباني مارينو راحوي، أن المفاوضات مع اسرائيل حققت تقدماً، لكنها لم تصل الى نهاية.
وأشار الى أن تركيا تلقّت اعتذاراً من اسرائيل، مؤكداً أن «كل موضوع التعويضات لا يزال في مرحلة الأحاديث والمداولات». لكنه تابع أيضاً قائلاً: «لن تتقدم المفاوضات الى اي مكان، الى ان يكون محضر مسجل. والمحضر المسجل لن يكون الى أن يرفع الحصار عن غزة».
وندد أردوغان بالصمت الدولي على جرائم اسرائيل وتعهد قائلاً: «نحن لن نقف صامتين. وأنا اهتم بالأمر بالفعل».
في المقابل، فوجئت تل أبيب بتصريحات أردوغان. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفضهم الشرط الذي وضعه رئيس الوزراء التركي، وشددوا على أن أمراً كهذا «ليس في الحسبان».
وفي ما يتعلق بمدى جدية أردوغان في التمسك بشرط رفع الحصار، قدَّرت محافل سياسية اسرائيلية انه اذا كان يشترط الاتفاق بالفعل إعلاناً اسرائيلياً برفع الحصار عن غزة، فالمعنى واضح: هو غير معنيّ حقاً بالوصول الى تسوية.
وفي السياق نفسه، نقل موقع «واللاه» العبري، أن أحد أهداف أردوغان من اتخاذ موقف متصلب هو «كسب الوقت» الى ما بعد الانتخابات المحلية التي ستُجرى في الشهر المقبل، وبالتالي فهو يحرص على تأجيل استئناف العلاقات مع اسرائيل، التي ستظهره بوضع من يلين مواقفه.
ونقل الموقع أيضاً عن مصدر في حلف شمالي الأطلسي، قوله، إنه إذا لم يحصل الاتفاق بين أنقرة وتل أبيب، خلال الأسابيع المقبلة، فسنضطر للانتظار الى ما بعد انتخابات السلطات المحلية» في تركيا.
وقدّر المصدر أيضاً أن أردوغان لا يريد للاتفاق مع اسرائيل ان «يتلاصق» مع الانتخابات في تركيا. وتابع الموقع: «في المقابل، تحرص اسرائيل على إنهاء الخلاف مع تركيا قبل الوصول إلى لحظة الحسم على المسار الفلسطيني».