رغم السجال الأميركي الإسرائيلي الذي شهدته الايام الماضية، على خلفية اتفاق الإطار، الذي يبلوره وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أكدت صحيفة «معاريف» أن هذا الاتفاق يتبنّى معظم مطالب إسرائيل، الأمر الذي مكَّنها من تسجيل أكثر من انتصار يتعلق بمطالبها الاساسية. وعلى خط مواز، لفتت «معاريف» إلى وجود خلافات في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وأوروبا بسبب انحياز المقترحات إلى الجانب الإسرائيلي بحيث لن يكون بإمكان الفلسطينيين قبولها.
وفي ما يتعلق بالمطلب الأساسي الذي يصرّ عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أوضحت «معاريف» أن ورقة كيري ستتضمن بنداً يطالب بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ونقلت عن مصدرين، أحدهما أميركي، تأكيدهما أن صياغة البند المتعلق بيهودية إسرائيل تعكس تبادلية، حيث يتضمن «إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وفلسطين هي الوطن القومي للشعب الفلسطيني». وكتعبير إضافي عن الانتصار الذي حققته إسرائيل في سياق التجاذب حول اتفاق الإطار المفترض، وافق الأميركيون على أن ترد الصيغة المتعلقة بقضية الحدود وفق الآتي: «المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين ستجري على أساس حدود 1967، مع تبادل أراض، مع مراعاة التغييرات الديموغرافية التي حدثت في العقود الماضية». في المقابل، أوضحت «معاريف» أن الفلسطينيين يرفضون هذه الصيغة لأنها لا ترسم حدوداًَ معروفة ومحددة، مضيفةً أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يطالب بأن تكون الصياغة «حدود 1967 مع تبادل أراض ومستوطنات».
وبحسب «معاريف»، في مقابل موافقة الفلسطينيين على مطلب ضم الكتل الاستيطانية، يصبح من الواضح أين يمكن إسرائيل أن تواصل البناء الاستيطاني (في الكتل الكبرى) وأين يحظر عليها (خارج الجدار)، لكن نتنياهو يرفض أي صياغة تقيّد إسرائيل في البناء الاستيطاني، وهو ما تبنّاه كيري في ورقته.
وذكرت «معاريف» أن كيري لن يقدم لنتنياهو ورقة الاطار إلى حين سفره إلى واشنطن، إذ سيطلعه عليها خلال زيارته للبيت الابيض مطلع الشهر المقبل، حيث سيصل نتنياهو إلى العاصمة الأميركية للمشاركة في المؤتمر السنوي للوبي الإسرائيلي، «إيباك».
من جهة أخرى، ذكرت «معاريف» أيضاً أن الخلاف ما زال قائماً بشأن القدس والأمن، إذ يطالب الفلسطينيون، في موضوع القدس، بأن تتضمن الورقة اعترافاً واضحاً بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، لكن نتنياهو يرفض، ويوافق على صيغة ضبابية تتحدث عن اعتراف أميركي بـ«طموح الفلسطينيين لرؤية القدس عاصمة لهم». وفي الملف الأمني، تقول الصحيفة إن الفلسطينيين يوافقون على بقاء القوات الإسرائيلية لفترة 5 سنوات في غور الأردن، لكن إسرائيل تطالب بعشر سنوات. وتضيف أن إسرائيل والأردن تعترضان أيضاً على الاقتراح الفلسطيني بنشر قوات الناتو بعد انسحاب إسرائيل.
أيضاً، أشارت «معاريف» إلى وجود خلاف في المواقف بين أوروبا والولايات المتحدة، حيث أوضح الأوروبيون أنهم لن يسارعوا إلى تبنّي الورقة الأميركية ما لم تتوافق مع المواقف الأوروبية المعروفة بالنسبة إلى حل الصراع، وعلى رأسها القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وتشير الصحيفة إلى أنه بالنسبة إلى حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، يطالب الاتحاد الأوروبي بصياغة تمنح هذا الحق لكن لا تتيح ممارسته. وبصورة عامة يطالب الأوروبيون بأن تتضمن ورقة كيري الخطوط العريضة للتسوية الدائمة. وتقول إن الأوروبيين شددوا في لقاءاتهم مع نظرائهم الأميركيين على أن الورقة بشكلها الحالي منحازة إلى إسرائيل، وإذا لم تعدل فلن يكون في مقدور أبو مازن قبولها.
على صعيد آخر، دافع السفير الأميركي في تل أبيب، رون درامر، عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مؤكداً أنه عندما تحدث عن المقاطعة ضد إسرائيل كان «فقط يصف الوضع». وأضاف درامر الذي يوصف بالمقرّب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع مجلة «تايم» الأميركية، أن كيري لا يدعم مقاطعة إسرائيل، نافياً أن يكون تناول هذه المسألة «من أجل الضغط على إسرائيل».
إلى ذلك، أكد درامر في حديث مع «وكالة الأنباء اليهودية ــ JTA» أن إسرائيل تُقدّر عميقاً التزام كيري بأمنها، ومحاولاته مساعدة إسرائيل في التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين. ولفت أيضاً إلى أن كيري خلال سنواته الثلاثين في مجلس الشيوخ، وفي وزارة الخارجية، كان داعماً صلباً لإسرائيل، وعمل على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وفي سياق متصل، رأت صحيفة «هآرتس» أن تصريحات درامر تأتي على خلفية غضب البيت الأبيض من الهجمات الشخصية لوزراء إسرائيليين ضد كيري، والتي وصفتها مستشارة الامن القومي الاميركي سوزان رايس بأنها «غير مقبولة».