لم يكد يمضي يومان على تظاهرات يوم الجمعة الماضي في مهد الانتفاضة الليبية بنغازي (شرق) والعاصمة طرابلس (شمال)، والتي طالبت بانتخاب برلمان جديد، حتى جاء الرد أول من أمس في الشارع أيضاً، من خلال تظاهرة للدفاع عن المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت). وتظاهر العشرات من الليبيين، أول من أمس، وسط ميدان الجزائر في العاصمة طرابلس تأييداً لخريطة الطريق الجديدة والتمديد للبرلمان المؤقت، مطالبين بـ«ضرورة احترام صندوق الاقتراع الذي يمثل شرعية الشعب الليبي». وشارك في التظاهرة قادة سياسيون وقوى شعبية ومدنية تؤيد بقاء المؤتمر في السلطة إلى حين انتهاء المرحلة الانتقالية والتمديد لأعماله. في الوقت نفسه، قال عضو اللجنة القانونية والتشريعية في البرلمان، محمود الغرياني، إن المؤتمر الوطني رفض تعديلاً حكومياً مقترحاً من قبل رئيس الوزراء علي زيدان، بالنظر إلى الاتفاق السياسي بين الكتل النيابية القاضي بسحب الثقة من حكومة زيدان في منتصف شباط الجاري، بعد أن يتم تعديل دستوري مؤقت وفق خريطة الطريق الجديدة.

وأوضح أن «رئيس الوزراء علي زيدان أرسل رسالة إلى المؤتمر تتضمن مقترح التعديل الوزاري، ويشمل حقائب الداخلية والنفط والغاز والحكم المحلي، إضافة الى المرافق والإسكان مع ضم الإعلام والثقافة بحقيبة وزارية واحدة».
وبيَّن أن «زيدان أرسل التعديل الوزاري من دون أن يرسل السيرة الذاتية للمرشحين للحقائب الوزارية حتى تدرسهم اللجان التخصصية في المؤتمر، ما يُعدّ مؤشراً غير جيد في تعامل الحكومة مع المؤتمر الوطني».
وقال عضو اللجنة التشريعية والدستورية في المؤتمر الوطني، أحمد لنقي، إن المؤتمر توافق، في جلسته الصباحية أول من أمس، على تشكيل لجنة من 15 عضواً للبدء بوضع قانون انتخابات فترة انتقالية ثالثة للبلاد «استجابة لمطالب الشارع».
في غضون ذلك، قال النائب المستقل في المؤتمر الوطني، عبد الوهاب القايد، إن نواباً قرّروا إقامة دعوى قضائية ضد أحد قادة الميليشيات المسلحة، رئيس حزب «القمة» عبد الله ناكر، بعدما هدد، عبر تصريحات تلفزيونية، باغتيال النواب الذين سيذهبون إلى مقر المؤتمر، واصفاً إياهم بـ«غير الشرعيين».
وقال لوكالة «الأناضول»، إن نواب كتلة التحالف الليبرالي، البالغ عددهم 39 نائباً، أبلغونا تعرضهم لضغوطات من قادة حزبهم ما لم يستقيلوا، إضافة إلى تعرضهم لتهديدات بالقتل في مكالمات هاتفية مجهولة المصدر، مشيراً إلى أن أغلب نواب التحالف يرفضون استراتيجية حزبهم في «إسقاط» المؤتمر الوطني، وقد أكدوا استمرارهم في أعمالهم.
وأوضح أن خمسة من النواب الذين تناقلت وسائل الإعلام استقالاتهم، نفوا ذلك وأكدوا أنهم سيرفعون دعاوى قضائية ضد وسائل الإعلام التي زجّت بأسمائهم، بينما تقدم اثنان فقط رسمياً بطلب استقالتيهما إلى رئاسة المؤتمر، وهما عبد الرزاق الزوين ومحمد الأنصاري.
وكانت خريطة الطريق الجديدة، التي أقرّها المؤتمر الوطني في كانون الأول الماضي، تنص على انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور في 20 شباط الجاري، على أن تبدأ عملها في 1 آذار المقبل وتنتهي في تموز، ثم يجري استفتاء عليه في آب المقبل، وتجرى انتخابات برلمانية ورئاسية في شهر تشرين الأول، وتُسلّم السلطة في كانون الأول المقبل.
في هذه الأثناء، أكدت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أنها «لن تدخل في الحراك السياسي، وأنها تنأى بالجيش الليبي عن كل التجاذبات السياسية والحزبية».
من جهة ثانية، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، أن القيام بتدخل عسكري غربي لمكافحة «الإرهاب» في جنوب ليبيا، والذي طالبت به النيجر خصوصاً، ليس مطروحاً على البحث.
وقال فابيوس لإذاعة «آر تي أل» إنه «لا تدخّل، في المقابل سنعقد اجتماعاً (دولياً) في مطلع آذار في روما لمساعدة ليبيا بشكل إضافي، لأن هناك في الواقع تجمعات إرهابيين في الجنوب».
وأضاف: «لقد اتصلت برئيس الوزراء (الليبي) في الآونة الأخيرة لكي أسأله عما يمكننا القيام به للمساعدة، وحين أقول نحن، لا يعني الأمر فقط الفرنسيين، بل البريطانيين والجزائريين والتونسيين والمصريين والأميركيين وعدة جهات أخرى، الألمان أيضاً».
أمنياً، قُتل، أحد عناصر الشرطة السياحية الليبية إثر عبوة ناسفة وضعها مجهولون أسفل مقعد سيارته في منطقة درنة، شرق البلاد.
كذلك قُتِل شخصان وأصيب ثلاثة آخرون، حالة أحدهم خطرة، إثر انفجار في أحد المنازل في مدينة بنغازي، حسبما أفادت مصادر أمنية وطبية.
(الأناضول، أ ف ب)