غزة | إلى جانب الرسائل الإسرائيلية «الشديدة اللهجة» التي حملها الوفد الأمني المصري إلى حركة «حماس»، بعد زيارته الثانية لقطاع غزة (التي انتهت أمس)، لم يجلب الوفد سوى موافقات إسرائيلية مجتزأة على مطالب الحركة مقابل الهدوء، وهو ما تراه «حماس» غير كافٍ. وعلمت «الأخبار»، من مصادر مطلعة، أن المباحثات في جولتها الثانية بدت متعثرة، بعدما تراجع العدو عن موافقته على المطالب الفلسطينية لتهدئة الأوضاع قبل الانتخابات الإسرائيلية، وسعيه إلى تنفيذها على مرحلتين.وفق المصادر، أبلغ المصريون «حماس» بأن المستويات السياسية والأمنية في تل أبيب تخشى من أن يؤدي تطبيق التفاهمات إلى تأثير سلبي في حظوظ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، خلال الانتخابات المرتقبة الشهر المقبل؛ إذ سيستغل خصومه ذلك ضدّه دعائياً. ونقل الوفد رسالة تهديد فحواها أن «إسرائيل ستنتهج سياسة جديدة في التعامل مع الاستفزازات»، هي عودة القصف في عمق القطاع بكثافة، واستهداف أماكن أكثر حساسية للحركة، وصولاً إلى تفعيل الاغتيالات.
جاء الرد على ذلك حاسماً، بأن المقاومة لا تخشى التهديدات، وأن «أي تجاوز غير محسوب سيكون شعلة لتكرار مواجهة نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوتيرة أكبر». وأبلغت «حماس» الوفد الذي غادر إلى تل أبيب، بنقل رسالتها إلى نتنياهو، ويوسي كوهين (رئيس «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي» ورئيس «الموساد») بصفته المسؤول المباشر عن المباحثات، منبهة إلى أنه في حال لم يُطبَّق ما اتُّفق عليه، ستفعّل الحركة ملفات تؤثر في مسار الانتخابات الإسرائيلية. وسط ذلك، ومع تكرار دورة الوعود والتسويف السابقة، قال المصريون إنهم مستمرون في الضغط على تل أبيب لإلزامها بما اتفق عليه سابقاً، وهو ما دفع «حماس» إلى إعلان أن الأسبوع المقبل سيشهد «حراكاً دبلوماسياً مكثفاً» مع نية عدد من الوفود زيارة غزة.
وكان الوفد المصري، الذي يرأسه وكيل «المخابرات» أيمن بديع، قد شرح للفصائل، خلال اجتماعه بـ«الهيئة العليا لمسيرات العودة»، أن إسرائيل تنوي تنفيذ التفاهمات على مرحلتين، تبدأ الأولى خلال الأسبوع الجاري تدريجياً بزيادة مساحة الصيد وكمية الكهرباء، والسماح بتصدير البضائع وإدخال مواد منع الاحتلال دخولها قبل عامين، ثم السماح بدخول الأموال القطرية للأسر الفقيرة. وتشمل المرحلة الثانية، التي تبدأ بعد الانتخابات الإسرائيلية والمربوطة بالوضع الأمني ومدى الهدوء، تشغيل خط الكهرباء الإسرائيلي 161، والسماح ببدء المشاريع التنموية والبنية التحتية.
وصف عباس إطلاق النار على حلس بأنه «محاولة اغتيال جبانة»


وتقول المصادر المطلعة إن «حماس» استغلت الزيارات المصرية الحالية لتعزيز علاقاتها بالقاهرة، إذ نظّمت زيارات للوفد إلى المعابر التي تديرها الحركة بعد استعادتها من السلطة الفلسطينية، كما أبدت قبولها الطرح المصري بقبول دعوة رئيس السلطة محمود عباس إلى إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، لكن بشرط أن تليها انتخابات «المجلس الوطني لمنظمة التحرير». أيضاً، تسعى «حماس» إلى إنهاء ملف الممنوعين من السفر عبر معبر رفح، خاصة أن عددهم صار بعشرات الآلاف، طالبة مناقشة هذا الملف ووضع آليات تسمح لهم بالسفر من دون عرضهم على الجهات الأمنية أو الحاجة إلى تنسيقات خاصة كالعادة.
ميدانياً، أعلنت مصادر طبية فلسطينية استشهاد شاب فلسطيني بعد إصابته برصاصة قناص إسرائيلي خلال مشاركته في الجمعة الخمسين من «مسيرات العودة» شرقي مدينة رفح، جنوب القطاع، فيما أصيب 42 آخرون بينهم سيدتان و15 طفلاً و4 مسعفين وصحافيان اثنان. وفي وقت متأخر، أعلن جيش العدو سقوط قذيفة هاون أُطلقت من جنوب القطاع صوب المجمع الاستيطاني في منطقة «غلاف غزة» المسمى «أشكول» من دون وقوع إصابات.
في سياق آخر، أطلق مجهولون النار في وقت متأخر أمس على سيارة عضو «اللجنة المركزية لفتح»، أحمد حلس، في منطقة الزوايدة وسط القطاع، من دون أن يصاب بأذى. وأعلنت وزارة الداخلية في غزة أنها فتحت تحقيقاً في الحادث، مفيدة بأن سيارته أصيبت بطلق ناري واحد في مقدمتها من دون إصابات، ومتعهدة بالوصول إلى الفاعلين. لكن «فتح» حمّلت «حماس» المسؤولية بصفتها «قوة الأمر الواقع التي تتحكم في كل صغيرة وكبيرة في غزة». كما دان محمود عباس الحادثة، ووصفها بـ«محاولة الاغتيال الجبانة».
إلى ذلك، شهدت صلاة الجمعة في المسجد الأقصى مشاركة حاشدة، حيث صلّى في المسجد أكثر من 40 ألف مصلّ تلبية لدعوة «جمعة كسر المنع». وتوافد المصلون إلى الأقصى من القدس والضفة والداخل المحتل، فيما أدى عشرات المبعدين الصلاة خارج بابَي الأسباط ومقبرة باب الرحمة في البلدة القديمة، وسط طوق فرضته قوات الاحتلال عليهم من جميع الجهات.