هذه الاعتقالات ترجمت تحذيرات الحكومة الأسبوع الماضي بأنها ستتخذ «إجراءات قانونية» أعلنها وزير الدولة لشؤون الإعلام، مأمون حسن إبراهيم، من دون الكشف عن طبيعتها، بسبب دعوة أحزاب المعارضة، في تبنيها مطلب «إسقاط النظام»، إلى ما وصفه بـ«العنف وتغيير النظام بالقوة» و«الإرهاب الفكري والسياسي»، الذي سبق وعدّه البشير دعوة للقوات المسلحة إلى «انقلاب عسكري»، كما قال مطلع الشهر الماضي.
رافق إطلاق صفارة الإنذار في وجه قادة المعارضة سياسة معاكسة مع المحتجين
وتلى إطلاق صفارة الإنذار في وجه المعارضة السياسية سياسة جديدة قادتها الحكومة في مواجهة التحدي الأكبر للحكم المستمر منذ ثلاثة عقود، سياسة من شأنها تخفيف حدة موقفها تجاه المحتجين، في محاولة لتحييد الشباب عن الأزمة السياسية، والتودد إليهم لتهدئة الاحتجاجات وسحب فتيل الأزمة من يد أحزب المعارضة.
وتمثل هذا في إطلاق سراح معظم الطلاب والنساء المعتقلين في الأحداث المندلعة منذ 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أول من أمس، وقبلها إقرار البشير بأن معظمهم شبان «يحوم شبح الفقر فوق رؤوسهم»، وأن فرص التشغيل المحدودة لا تتوازن مع عدد الخريجين. ومن ذلك أيضاً وصف رئيس الحكومة، معتز موسى، دعوات المتظاهرين لتحسين أحوال المعيشة بـ«المشروعة»، أو اعتبار وزير الدفاع، محمد أحمد ابن عوف، أن الشباب الذين انخرطوا في الاضطرابات الأخيرة لهم «طموح معقول».
وبينما تقر الحكومة وقيادات حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، بأحقية المطالب التي يرفعها المحتجون في جوانبها الاقتصادية، فإنهم في المقابل يرفضون أي مبادرة «خارج إطار الشرعية»، بوصفها تقود البلد إلى «الفوضى»، ويصرون على أن سبيل التغيير الوحيد هو صناديق الاقتراع. لكنّ توحد قوى المعارضة على «ميثاق الحرية والتغيير»، الذي حض «تجمع المهنيين» الأحزاب للانضمام إليه، يمثل أكبر تحدٍّ لنظام البشير، لأنه وحّد المعارضة حول مطلب «إسقاط النظام» بدعم شعبي كبير، فضلاً عن الخطة التي أعدها الميثاق لحقبة ما بعد البشير، والتي تشمل إعادة هيكلة النظام القضائي، ووقف تدهور الوضع الاقتصادي الذي يعد سبباً رئيسياً لاندلاع التظاهرات.