لا تزال تداعيات حادثة مقتل وجرح عدد من المدنيين الأكراد بنيران تركية، في ناحية شيلادزي شمال محافظة دهوك، السبت الماضي، تلقي بثقلها على المشهد السياسي، وتثير ردود فعل متفاوتة. وفي هذا الإطار، جدّدت كتلة «الحزب الديموقراطي الكردستاني» في البرلمان اتهام غريمها، «حزب العمّال الكردستاني»، بـ«تدمير مئات القرى في إقليم شمال العراق»، داعية إياه إلى «مغادرة تلك المناطق... والابتعاد عن حدود الإقليم»، وذلك على لسان المتحدثة باسم الكتلة فيان صبري. موقف ترافق مع ترحيب وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بـ«التدابير والإجراءات التي اتخذتها إدارة الإقليم بخصوص التحريض والاعتداء على القاعدة التركية».وفي موازاة استمرار تلك المواقف، تجدّد النقاش بشأن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، التي استعادت الحكومة المركزية السيطرة عليها أواخر عام 2017. وقال الأمين العام لوزارة «البشمركة»، جبار الياور، إنه «ما من قرار رسمي بشأن عودة البشمركة إلى المناطق المتنازع عليها»، غير أنه لفت إلى أن وزارته ووزارة الدفاع العراقية توصلتا إلى قناعة بـ«ضرورة وجود عمليات مشتركة للقضاء على تحركات مسلحي داعش». وفيما نفى الياور التقارير الصحافية عن عودة وشيكة لـ«البشمركة» إلى تلك المناطق، لإدارة الملف الأمني بالاشتراك مع القوات التابعة للحكومة الاتحادية، أكد «(أننا) ننتظر الاجتماعات الرسمية لاتخاذ الإجراءات والآليات المناسبة». تصريحات لا يبدو أنها منفصلة من سياق سعي أربيل الدائم إلى الاستثمار في أي حديث أمني لتحقيق مكاسب ميدانية بوجه بغداد، بالاستفادة من الودّ القائم بينها وبين أنقرة.
ولا ينحصر المشهد الميداني الشمالي بالاشتباك القائم بين «العمال» وأنقرة، أو بين بغداد و«داعش»، بل يتعدّى ليلامس حدود المواجهة بين القوى المحلية نفسها. وهو ما عبّر عنه النائب عن محافظة نينوى، أحمد الجربا، أمس، بدعوته رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إلى «نشر الجيش في كل قضاء من أقضية محافظة نينوى، وفي كل ناحية من نواحيها، وخصوصاً في مناطق غرب نينوى»، وذلك لـ«حفظ الأمن في تلك المناطق من جهة، ولقطع الطريق على بعض الجهات التي تقوم بابتزاز المواطنين من جهة ثانية».
بدوره، تطرّق عبد المهدي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إلى تحركات «داعش» في المنطقة الحدودية مع سوريا، مؤكداً اتخاذ كافة الاحتياطات لمنع تسلّل «فلول داعش الإرهابية»، مشيراً إلى أن «القطعات العسكرية منتشرة على طول الحدود وماسكة للأرض، ولا يوجد أي اختراقات من داعش للحدود العراقية». هذا التصريح يأتي في سياق محاولة عبد المهدي «تبرير» تأجيل العملية التي كانت مرتقبة على الحدود، والتي أُرجئت نتيجة ضغوطات أميركية، في وقت تشهد فيه المنطقة الحدودية تحركات نشطة للمسلحين هناك، وسط تأكيدات رسمية، أن القطعات العسكرية «ما زالت مسيطرة على الوضع».