تتسارع الخطوات نحو إقرار قانون لإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس «تحالف سائرون» (المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر)، صباح الساعدي، أمس، تقديم مقترح قانون في هذا الشأن إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لـ«إنهاء الاتفاقية الأمنية (صوفا، المعنية بتنظيم عملية الانسحاب الأميركي من العراق)، وإلغاء القسم الثالث من اتفاقية الإطار الإستراتيجي (المعنية بتنظيم عملية التعاون العسكري والأمني بين العراق وأميركا) الموقعتين بين العراق والولايات المتحدة الأميركية». وأشار الساعدي، في بيان، إلى أن «القسم الثالث كان التفافاً واضحاً على مدة اتفاقية صوفا (والتي حُدّدت بثلاث سنوات تنتهي في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2011)، لأنه رَهَن التعاون العسكري والأمني بها، فمرّ وبشكل خفي من دون أن يلتفت إليه أحد، على اعتبار أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي لم تُحدّد بزمن معيّن لانتهائها». ووصف الساعدي إنهاء الآثار التي تركها الاحتلال الأميركي للعراق بعد عام 2003 بـ«المهمة الوطنيّة التي يشترك فيها جميع العراقيين»، مؤكداً أنها «لا تنحصر بالجانب الحكومي أو البرلماني، على الرغم من أن الإجراءات تُشرع برلمانياً، وتُنفذ حكومياً كما رسمها الدستور النافذ».والجدير ذكره أن «صوفا»، الموقعة في كانون الأول/ ديسمبر 2008، تطرقت إلى «آلية تنظيم الانسحاب الأميركي من المدن والقرى والقصبات العراقية بتاريخ لا يتعدى حزيران/ يونيو 2009، على أن تنسحب جميعها بتاريخ لا يتعدى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2011، على أن تحلّ محلها القوات العراقية»، وفق ما جاء في مقدمتها. أما القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي» الموقّعة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، فتطرق إلى «التعاون الدفاعي والأمني» بين البلدين، بالنصّ على أن «الطرفين يواصلان العمل على تنمية علاقات التعاون الوثيق بينهما، في ما يتعلق بالترتيبات الدفاعية والأمنية دون الإجحاف بسيادة العراق على أراضيه ومياهه وأجوائه»، وأن هذا التعاون يتمّ في مجالَي الأمن والدفاع وفقاً للاتفاق بين واشنطن وبغداد «بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق، وتنظيم أنشطتها خلال وجودها المؤقت فيه»، من دون أن يحدّد تاريخاً ملزماً لواشنطن، ما شكل «مخرجاً قانونياً» للإبقاء على قواتها بذريعة «تنمية التعاون» بين الجانبين.
مصادر «البناء»: العمل جارٍ على صياغة رؤية كاملة تخدم الهدف


ولفت الساعدي، في بيانه، إلى أن «اتفاقية صوفا تُجدد بين فترة وأخرى من خلال اعتماد القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ولهذا قدمنا هذا المقترح لإنهاء صوفا، وإلغاء القسم الثالث من الإطار، والذي يراه البعض شيئاً غريباً، بأن تلغي اتفاقية خارج إطارها الزمني»، داعياً إلى تنظيم «موضوع المستشارين والمدربين العسكريين الأجانب بشكل واقعي وفق حاجة العراق». وأضاف أن «المقترح الذي تقدمنا به جاء معالجاً لهذا الموضوع، فيعطي للحكومة الحق في تقدير الحاجة، ولمجلس النواب حق المصادقة على ذلك»، معتبراً الموضوع «مساساً بسيادة الدولة العراقية»، لأن هذا الموضوع «يحمل أهمية بالغة وحساسة، نتيجة التأثيرات الكبيرة في المشهد السياسي، والتي تحتاج إلى زمن من أجل تفكيكها وإنهائها».
وكانت كتلتا «سائرون» و«الفتح» (تحالف الفصائل المكونة لـ«الحشد الشعبي»)، اللتان تصدّرتا الانتخابات التشريعية الأخيرة (أجريت في أيار/ مايو الماضي)، أعلنتا ـــ قبل تسمية عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء ـــ سعيهما إلى تشريع قانون مماثل. وقد جاءت الزيارة الخاطفة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى العراق أواخر العام الماضي، لتعطي هذه التحركات زخماً جديداً وتدفع بها قدماً. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن المقترح يحظى بموافقة «تحالف البناء»، أي كتل «الفتح» بزعامة هادي العامري، و«ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، إضافة إلى النواب المنشقين عن «تحالف الإصلاح» بقيادة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، وكتلة «المشروع العربي» بزعامة خميس الخنجر وحلفائه من «المكوّن السنّي». أما الكتل المنضوية في «الإصلاح»، فلم تحسم موقفها بعد من المضي قدماً في دعم المشروع، خصوصاً منها كتل «الحكمة» المدعومة من زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي. وعلى الرغم من رفعه إلى رئيس البرلمان، إلا أن المقترح «لا يزال مفتقراً إلى رؤية كاملة، حتى يُقال عنه إنه قانون يحوي على مواد من شأنها خدمة القضية التي نعمل عليها»، وفق ما تقول مصادر «البناء»، والتي تؤكد في حديث إلى «الأخبار» أن «العمل جار على صياغة القانون شكلاً وروحاً، على أن يكون تمريره في البرلمان في شهر شباط/ فبراير المقبل».