أمسك أبو أحمد، الرجل الخمسيني، يد زوجته وسط السوق الشعبي... فصرخت المرأة وتجمّع الناس حولهما... ليست زوجته! خانه النقاب و«أضاع» شريكة العمر وسط سواد غطى الوجوه والأجساد. أحرجه الموقف كثيراً، وكاد يتعرّض للعقاب والجلد لو لم يتدارك الأمر بالاعتذار وطلب العفو.
اليوم بإمكان النساء الحصول على خبز ومعونات أكثر من مرة في اليوم الواحد، إذ لن يكون في مقدور أحد معرفة شخصية المنقبة أو مطالبتها بالكشف عن وجهها.

وأصبح النقاب كذلك وسيلة للمسلّحين، بعدما عاودت خلايا نائمة تابعة للحلفاء المهزومين من «جبهة النصرة» و«الجبهة الإسلامية» عملها في «ولاية الرقة»، من خلال التعرّض لحواجز «داعش» بهجوم غير متوقع، كالذي أدى إلى مقتل وإصابة عدد من مسلحي التنظيم أمام المكتب الدعوي (كنيسة الشهداء سابقاً) وسط المدينة.
ارتدى مهاجمو الحواجز النقاب، واستطاعوا في أقل من أسبوع تنفيذ اغتيالات ممنهجة استهدفت عناصر بارزة في «الدولة الإسلامية».
لم يكن في حسبان «داعش» أن قانوناً فرضته على العوام سيكون مدخلاً لاستهداف مسلحيها. هذا الأمر دفع التنظيم إلى تشكيل كتيبتين للنساء لتفتيش المارة بهدف الكشف عن هوية رجال يلجأون إلى التنكر بأزياء نسائية لتجنب الاعتقال. وأطلق على الكتيبتين اسما «الخنساء» و«أم الريان»، ونصبتا عدداً من الحواجز لتفتيش المارة من النساء وسيّرتا دوريات في شوارع الرقة. وألقت دورية نسائية القبض على فتيات سافرات، ونفذت فيهن حكم الجلد على الفور في ساحة الشماس.
إلى جانب «الكتيبتين» الحديثتي الظهور، لدى نساء المدينة ما يخيفهن أيضاً: «أم مجاهد»، وهي جلادة في سجن «داعش» خبرت نساء اعتقلن في الأسواق بسبب عدم التزامهن اللباس الشرعي مدى قسوتها. وتماشياً مع نمط الحياة الجديد، افتتح مشغل للخياطة في مقر شركة الاتصالات الخلوية MTN، حيث تعمل «أخوات» متخصصات في خياطة اللباس الشرعي. وتُباع الألبسة في المشغل وبعض المحال التجارية، بسعر لا يتعدى 1500 ليرة سورية، أي ما يقارب 10 دولارات أميركية.
ومنذ سيطرته على الرقة في تشرين الأول 2013 وإعلانها «ولاية إسلامية»، فرض تنظيم «داعش»نمط حياة جديداً لم يخبره سكانها سابقاً، وفرض شروطاً و«حدوداً إسلامية». الأسبوع الفائت، أعدم مدنيان رمياً بالرصاص في ساحة دوار النعيم وسط المدينة. إعدام ميداني حضره أطفال، أيضاً، كانوا يؤدون صلاة الجمعة، أما التهمة فهي: «شتم النبي محمد». كذلك فرض «حكام الولاية» ضرائب على الباعة الجوالين وأصحاب البسطات في الأسواق. وأغلقت محال الأشرطة الموسيقية والتصوير، كذلك فرض منع التدخين. أما الصلاة، فهي جامعة تُقام في المسجد حصراً، و«فَرض على كل مسلم». وتُغلق الأسواق والمحال وتتوقف المصالح على أنواعها قبل رفع الآذان بعشر دقائق، «وكل شخص يكون في الشارع أثناء الصلاة يتعرض للمساءلة الشرعية».
وعندما خرج طلاب في معهد التمريض، التابع لوزارة الصحة، في تظاهرات تندّد بالإجراءات الصارمة المفروضة عليهم، دهم مسلحو «داعش» المعهد واعتقلوا من شاؤوا، ثم أعلنوا منع المشاركين والمنظمين للتظاهرة من متابعة دراستهم.
من جهة أخرى، أصدرت وزارة التعليم العالي السورية قراراً بتأجيل الامتحانات الجامعية للفصل الحالي في كليات الرقة... حتى إشعار آخر.