بعد طول مكابرة وتأجيل، حطّ رئيس «الائتلاف» السوري المعارض أحمد الجربا، في موسكو. لم تعد روسيا مجرد طرف في الأزمة السورية، بل معبراً أساسياً للحلول أو العقد في هذا الملف. «الائتلاف» يريد الانفتاح على الجميع، كرّر رئيسه هناك الخطاب الاعتيادي. يريد «تشكيل هيئة حكم انتقالي»... وبمساعدة وضغط من حلفاء خصمه. بينما بعث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عبر ضيفه، رسالة إلى الأطراف التي تسلح مقاتلي المعارضة السورية؛ إذ بعد ثنائه على قرار اختيار «الائتلاف» للتسوية السلمية طريقاً لحل النزاع، أكد وجود أطراف ما زالت تراهن على الحل العسكري.
تأكيد قد يصيب، أيضاً، شريكته في «صناعة» مؤتمر «جنيف 2» واشنطن، التي تواصل دعمها للمجموعات المسلحة. وخلال مؤتمر صحافي عقد بعد اللقاء، أعلن الجربا أنّ موسكو تولي «الكثير من العناية» لموقف المعارضة. وأضاف: «نأمل أن تكون هناك في المستقبل القريب زيارات أخرى لممثلي الائتلاف لموسكو».
لكن لافروف لم يلمّح، من جانبه، إلى أنّه مستعد لزيادة الضغط على دمشق، وقال، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس» عند بدء لقائه مع الجربا: «أعتقد أنّ نقاش اليوم سيكون بالغ الأهمية لتوضيح المواقف من أجل الدفع قدماً بعملية جنيف». وقال الجربا، قبل اللقاء، إنّ «المهمة الرئيسية للجولة التالية من مفاوضات جنيف هي تشكيل هيئة إدارة انتقالية في سوريا».
كذلك أكد أنّ «المعارضة السورية وضعت لائحة بأسماء مرشحين للانضمام إلى هذه الحكومة الانتقالية... لكننا مستعدون لإبداء مرونة في ما يتعلق بالترشيحات ومستعدون للحوار. نحن نعي أن هذه اللائحة يجب أن يوافق عليها الطرفان».
وأشار، أيضاً، إلى أنّ «الائتلاف قرر بنحو حاسم المشاركة في جولة المفاوضات التالية».
في موازاة ذلك، أكد مصدر دبلوماسي لصحيفة «كومرسانت» الروسية، أمس، أنّ الولايات المتحدة اقترحت على هامش مؤتمر ميونيخ الذي عقد نهاية الأسبوع الفائت أن تنضم إيران والسعودية وتركيا إلى طاولة مفاوضات تعقد في الوقت نفسه الذي ستعقد فيه المفاوضات بين طرفي النزاع السوري في جنيف. وأفادت الصحيفة بأنّ «موسكو توافق بالإجمال على هذه المبادرة».
كذلك أكدت روسيا أنّ الحكومة السورية ستشارك في الجولة الجديدة لمحادثات السلام الأسبوع المقبل، وأنها ستشحن قريباً مزيداً من العناصر السامة لتدميرها في الخارج. وقال نائب وزير الخارجية، غينادي غاتيلوف، إنّ دمشق بإمكانها استكمال عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية بحلول أول آذار.
من جهة أخرى، أوضح رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أنه «أثناء المباحثات مع الجانب الإيراني حول الأزمة السورية، قدم المسؤولون الإيرانيون أولوية القضاء على الإرهاب كمنطلق لحل الأزمة في سوريا»، مضيفاً: «بدوري قلت لهم، لا يمكن تجفيف مستنقع بقتل بعوضة؛ بل ينبغي أولاً تجفيف منبع المستنقع في سوريا، المتمثل بالظالم بشار الأسد»، مشيراً إلى ضرورة رحيله، وإجراء انتخابات عقب ذلك مباشرة.
واشنطن تنفي حديث التسليح
في السياق، دافعت واشنطن عن سياستها حيال سوريا، نافية أنّ يكون وزير الخارجية جون كيري قد دعا إلى تغيير في الاستراتيجية وإلى تسليح مقاتلي المعارضة. وذكرت تقارير إعلامية أنّ كيري أدلى بهذا الرأي اثناء لقاء على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن نهاية الأسبوع الماضي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جنيفر بساكي، إنّه «لا أحد في الإدارة يعتقد أن ما نقوم به كافٍ ما لم تحل الأزمة الإنسانية ويوضع حد للحرب الأهلية».
وأوضحت أنها حضرت الاجتماع الذي استمر ساعة بين كيري وعشرين عضواً في مجلس الشيوخ، بينهم الجمهوري جون ماكين، مؤكدة أنّ كيري «لم يعلن في أي وقت ما اعتقد أنه نقل عنه لجهة أن العملية أخفقت». وتابعت: «لقد بحثوا مجموعة من الخيارات لطالما كانت متاحة للإدارة».
وقالت إن الاجتماع كان أقرب إلى «جلسة إصغاء منه إلى جلسة رفع تقرير؛ لأن كيري استمع إلى نحو عشرين عضواً يعرضون ما يودون القيام به». وفي ما يتعلق بمسألة تسليح مقاتلي المعارضة، أكدت أنّ كيري «لم يطرح المسألة في أي وقت، ولم يتعهد بها ولم يقل إنه أمر يجري العمل عليه، وبالتالي فهذا نقل خاطئ للكلام الذي جرى».
وكانت صحيفة «ذي واشنطن بوست» قد نقلت عن السيناتور الجمهوري جون ماكين أنّ كيري أقرّ له ولزميله ليندسي غراهام بأنّه «وصلنا إلى نقطة حيث سيترتب علينا تغيير استراتيجيتنا».
إلى ذلك، التقى في طهران، أمس، مسؤولون إيرانيون وسوريون وسويسريون «لمناقشة سبل تحسين إرسال المساعدات إلى ضحايا النزاع في سوريا». وقال مندوب المجلس الفدرالي السويسري للمساعدة الإنسانية، مانويل بسلر، إنّ هذا الاجتماع، الثالث من نوعه منذ نيسان 2013، «تطرق إلى مسائل عملانية عدة لتحسين ظروف العمل الإنساني».
والتقى المسؤول السويسري نائب وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان ونظيره السوري حسام الدين آلا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)