بعد أقل من شهر على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قراره سحب قوات بلاده من سوريا، خرج «التحالف الدولي» ليؤكد بدء عملية الانسحاب أمس، رغم كل التجاذبات التي شهدتها الفترة الماضية بين مسؤولين رسميين أميركيين حول شروط هذا الانسحاب وجدوله الزمني. إعلان «التحالف» هذا، جاء عبر بريد إلكتروني أرسله المتحدث باسمه شون رايان، إلى وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، يقول فيه إن الولايات المتحدة «بدأت عملية الانسحاب المدروس من سوريا»، من دون الخوض في تفاصيل تلك العملية ومداها الزمني المفترض. وبعد ساعات على نقل الوكالة نبأ بدء «سحب القوات»، عادت لحذفه من موقعها ومعرّفاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقل نسخة جديدة منه عن لسان مسؤول عسكري أميركي، تفيد بأن ما جرى حتى الآن هو سحب كمية من العتاد العسكري، لا العسكريين. وبمعزل عن هذا اللغطِ الذي انتقل من التصريحات السياسية إلى الأوساط العسكرية، نشرت عدة وسائل إعلام أميركية تأكيدات من مصادر في وزارة الدفاع الأميركية، لبدء عملية الانسحاب. وأشارت تلك الأوساط الإعلامية إلى وصول تعزيزات عسكرية إلى سوريا، للمساعدة في تيسير الانسحاب وضمان أمن القوات. هذه التأكيدات العسكرية زادت من ضبابية المقاربة الأميركية الرسمية حيال قرار «البيت الأبيض»، غير أن صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلت عن مصدر عسكري قوله إن «البنتاغون» لم يتلقّ أي أوامر جديدة (بعد قرار ترامب) ولحين تلقيه أي جديد، إن تمّ، سيتابع العمل وفق خطط الانسحاب. وأكدت الصحيفة أن قطعاً تتبع البحرية الأميركية بدأت التحرك للمساهمة في نقل الجنود والمعدات التي ستغادر الشرق السوري. وفي تعليق المصدر نفسه للصحيفة، على ما صدر عن مستشار الأمن القومي جون بولتون، من شروط مقرونة بالانسحاب، قال إنه «لم يتغيّر شيء حتى الآن... نحن لا نتلقى أوامر من بولتون».ومع دخول الإجراءات العسكرية حيّز التنفيذ، كشف بولتون أن وفداً تركياً سيزور واشنطن الأسبوع المقبل، لبحث ملف الانسحاب الأميركي من سوريا. وقال في حديث إذاعي أمس، «إن ما نتابعه في هذه المحادثات العسكرية، هو الضمانات والإجراءات اللازمة حتى يشعر الجميع بالارتياح إزاء الكيفية التي سيحدث بها ذلك»، معرباً عن أمله في أن تسفر هذه النقاشات «عن نتائج مقبولة من كلا الطرفين». وأكّدت وكالة «الأناضول» الرسمية وجود زيارة مرتقبة ـــ وإن كانت قد ذكرت أن موعدها هو الخامس من شباط وليس الأسبوع المقبل ـــ يفترض أن يقوم بها وفد تركي يرأسه نائب وزير الخارجية سادات أونال؛ وهي تندرج ضمن إطار «مجموعة العمل المشتركة» بين تركيا والولايات المتحدة. وجاء الحديث عن تلك الزيارة في موازاة جولة قادة الجيش التركي ووزير الدفاع خلوصي أكار، على الحدود السورية ــــ التركية، والتأكيد من هناك لاستعداد أنقرة لإطلاق عملية عسكرية في الوقت المناسب. وكان لافتاً أمس، تأكيد موسكو شكوكها في نيات الانسحاب الأميركي، برغم اعتبارها إياه «خطوة في الاتجاه الصحيح» إن حصل. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا، إن من المهم انتقال المناطق التي يفترض أن تنسحب منها القوات الأميركية إلى سيطرة الحكومة السورية، مثنية على أهمية الحوار بين دمشق والقوى المسيطرة في شرقي نهر الفرات.
أكد الفرغلي أن مشروع «تحرير الشام» هو «الحكم بشرع الله»


أما في إدلب ومحيطها، وبعد إتمام الاتفاق بين «هيئة تحرير الشام»، و«حركة أحرار الشام» وصقور الشام»، في مناطق جبل الزاوية، وقّعت «تحرير الشام» اتفاقاً شبيهاً مع «جيش الأحرار»، لتسليم عدد من النقاط في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وريف إدلب الحدودي مع لواء إسكندرون. وكانت «كتيبة الهجرة» التابعة لـ«جيش الأحرار» قد أعلنت قبل أيام، حيادها في القتال الجاري بين «تحرير الشام» و«الجبهة الوطنية». وفي موازاة سيطرة «تحرير الشام» على تلك المناطق الحدودية، أرسلت تركيا أمس تعزيزات عسكرية إلى حدود لواء اسكندرون مع إدلب واللاذقية، ضمن دبابات ومدرعات، على حد ما نقلت وكالة «الأناضول». وفي مقابل الدعوات لإشراك «الجبهة الوطنية» في «حكومة الإنقاذ»، قال عضو «مجلس الشورى» في «تحرير الشام»، المصري أبو الفتح الفرغلي، إن «تحرير الشام» عرضت ذلك سابقاً على قادة فصائل «الجبهة الوطنية»، لكنّ «الأهواء والتبعية للداعم ومشاريع الاستسلام كانت العائق أمام التوحد». وأوضح الفرغلي عبر حسابه على «تلغرام»، أن «مشروع الهيئة مشروع واضح جلي يتمثل في إعلاء كلمة الله في ما يُحرر من مناطق، والحكم بشرعه والجهاد في سبيله كخيار استراتيجي للتحرير، فمن كان هذا مشروعه، فهو منا عقلاً وشرعاً ونحن منه»، مضيفاً أن «من كان مشروعه ديموقراطية، أو انهزامية واستسلام لإملاءات الداعم، أو نبذ الحل الجهادي، فلا مكان له بيننا». وختم بانتقاد واقع مناطق سيطرة الجيش التركي في ريف حلب الشمالي «حيث تعلو كلمة القانون الوضعي السوري وتنتشر الرذيلة والفساد» على حد تعبيره.