بعد عامين وشهرين على الزيارة الأخيرة المعلنة لرئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، إلى مصر، كشفت دمشق عن زيارة جديدة حملت الأخير أول من أمس إلى القاهرة، تلبية لدعوة مدير جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل. الإعلان الرسمي عن الزيارة جاء عبر وكالة الأنباء السورية (سانا)، التي أشارت إلى أن اللقاء تطرّق إلى «مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك القضايا السياسية والأمنية وجهود مكافحة الإرهاب».بدورها، طلبت السلطات المصرية أمس، بحسب معلومات «الأخبار»، من جميع وسائل الإعلام المحلية عدم التطرق إلى الزيارة التي فُرضت عليها أجواء من السرّية الكاملة، خصوصاً أن ملفها يدار من قبل مدير المخابرات العامة بإشراف مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي. ووفق المعلومات المتاحة، لم يتمّ إبلاغ قيادات جهاز المخابرات باللقاء قبل موعد انعقاده، ولم يخرج عنه لاحقاً أي تفاصيل.
تحمل الزيارة طابعاً مهماً ضمن مسار ترميم العلاقة السورية ـــ العربية


زيارة مملوك إلى القاهرة هي الثانية المعلنة منذ العام 2011 (الأولى كانت في منتصف تشرين الأول من العام 2016)، من بين جملة زيارات أخرى كُشف عن واحدة منها (آب من العام 2015) بعد أشهر على حدوثها. وتعد من المحطات اللافتة التي حملت رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، خلال السنوات السبع الماضية، إلى عدة دول بينها إيطاليا والسعودية. ولا تنفصل هذه الخطوة عن مسار العلاقة الأمنية الناشطة بين دمشق والقاهرة، والتي ساهمت سابقاً في حلحلة عدة عقد ميدانية وأمنية. كما أنها تحمل طابعاً سياسياً هاماً، لكونها تأتي ضمن مسار نشط يهدف في نهايته إلى ترميم العلاقة السورية ــــ العربية. وهو مسار باتت محطاته متعددة في الفترة الأخيرة، وتنوعت بين مطالبات برلمانية في عدة دول عربية بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، وبين زيارات معلنة وسريّة إلى دمشق كان آخرها زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، قبل نحو أسبوع.
وعلى رغم بقاء تفاصيل زيارات مملوك الماضية إلى مصر خارج الإطار الإعلامي، إلا أن الدور المصري في الملفات السورية تطوّر بعدها بشكل لافت، إذ لعبت القاهرة دور الوساطة في التوصل لاتفاقات «خفض التصعيد» في قطاع من الغوطة الشرقية وفي ريف حمص الشمالي. وتأتي هذه الزيارة الأخيرة لمملوك في وقت فتح فيه قرار البيت الأبيض الأخير بسحب القوات الأميركية من سوريا، الرهانات على مصير المنطقة الشرقية، والتي تتمتع مصر مع حلفائها من الدول العربية، بعلاقات جيدة بعدد من القوى الناشطة فيها.