صحيح أن الرئيس أنجز بعض الأمور الداخلية بالنسبة إلى المصريين مثل مشروعات الإسكان الاجتماعي وإطلاق حملة علاج فيروس C لمرضى الكبد، لكن الثمن الذي حصّله كان باهظاً، ليس من ميزانية الدولة فقط، بل من جيوب المواطنين. فمشروع الإسكان الذي قفزت أسعاره بزيادات تصل إلى ثلاثة أضعاف في السنوات الأربع الماضية جاء تمويله ذاتياً، بل تحققت أرباح منه ومن باقي مشروعات الإسكان المتوسطة وفوق المتوسطة والفاخرة، وقيل إن عائداتها استعملت لإنشاء مساكن خاصة لسكان العشوائيات في «مشروع قومي» يريد السيسي الانتهاء منه بحلول منتصف العام المقبل.
وبينما تتحدث الدولة عن زيادة مخصصات التعليم والصحة، يتبادر السؤال عن موارد هذه الزيادة وكيفية توجيهها، إذ إنها انتزعت من الأموال المخصصة للدعم، كذلك فإنها كانت أقل بكثير من الزيادات المنصوص عليها في دستور 2014 الذي كتب بعد «30 يونيو»، إضافة إلى أن هذه الزيادات لم تسهم في تحسين المنظومة الصحية كلياً بعدما اكتُفي بالتوسع في إنشاء مستشفيات ومراكز طبية دون تطوير المعدات المتطورة أو الخدمات التي تشهد نقصاً حاداً وتدنياً في الأجور دفع غالبية طلاب الطب إلى الهجرة.
أما أسلوب السيسي في افتتاح المشاريع الأخيرة، مهما كانت بسيطة، فتغير إلى اعتماد تقنية «الفيديو كونفرنس»، إذ يشرف على افتتاح مواقع كثيرة بوجود المسؤولين عنها عبر الشاشة، وفي المكان يقف المسؤول المدني أو العسكري لساعات في انتظار الإذن برفع الستار عن لوحة تذكارية تحمل اسم الرئيس، لكنها تُزال فور الانتهاء من الاحتفال.
عَمدَ الرئيس إلى افتتاح المشاريع أخيراً عبر «الفيديو كونفرنس»
من جهة أخرى، يواصل «الجنرال» توجيه الانتقادات إلى مواطنيه، خاصة الذين لم يرضوا عن عهده، لكنه هذه المرة حمّل المصريين مسؤولية الأمراض التي يعانون منها، وتحديداً السمنة لدى قطاع كبير منهم، إضافة إلى فيروس C، على أنه استند في ذلك إلى نتائج حملة الفحوصات التي بدأت للكشف عن 100 مليون مواطن في محافظات الجمهورية. وبعيداً عن النقاش في أسباب هذه «العادات الغذائية» غير السليمة، يغفل السيسي الحياة غير الطبيعية للناس المضطرين إلى العمل على مدار الساعة لتعويض آثار القرارات الاقتصادية من دون قدرة على الحصول على فراغ للراحة أو الرياضة، فضلاً عن أن مشكلة الفيروس المذكور ترتبط بإشكالات تتحمل الدولة جزءاً كبيراً من مسؤوليتها.