عبدالله مشهورعندما يصبح الإنسان سلعة والشاري ذئباً وتموت الكرامة على الرصيف، عندما يموت الضمير وتنعدم النخوة وتتلاشى الإنسانية، يجب القول لكم: أهلا بكم في مخيم الزعتري!
أهلا بكم في صحراء الأردن، في مضارب بني يعرب، هنا الزعتري، أكبر وأقسى معتقل شهده التاريخ. حيث الموت يصول ويجول بين الخيام والنساء والأطفال والشيوخ والجرحى جوعا وبردا ومرضا وقهرا. هنا مقبرة الزعتري، حيث الحياة أشبه ما تكون بالموت. هنا الزعتري، حيث تسرق اللقمة من أفواه اليتامى والجائعين، ويسرق الدواء من آلام المرضى واللاجئين، وحيث يترك الجرحى ليموتوا على مهلهم. هنا معتقل الزعتري. هنا البرد القارس والصقيع والرياح في الشتاء. هنا جهنم والسموم والهجير في الصيف.
هنا الشعب السوري: عزيز قوم ذل ولم يرحمه أحد. هنا سجّان وجلّاد وتاجر بلغ به الجشع منتهاه. وطبيب جزّار ولصّ يفترس ما تبقى لدينا من عزّة نفس وكبرياء وإباء.
هنا المشفى الايطالي الأردني. للطبّ معنى آخر لا علاقة له بالانسانية أو الاخلاق. هنا رمز القسوة والإذلال والاستغلال والافتراء والبهتان المبين.

هنا تتحول المسمّيات الطبية إلى مصطلحات تمليها مصالح ذوي النفوذ وضرورة التغطية والحماية على الفساد والسرقة والاهمال. فالسل والتهاب الكبد الوبائي أو الأنفلونزا والتهاب الامعاء والتيفوئيد والربو و و.. أصبح اسمها (إيدز).
ومن مات بسبب الإهمال وسوء العلاج زناة ماتوا من الإيدز!
الله أكبر. ألم يجدوا غطاء أخف وطأة وأقل ألما من هذا؟! ويل لكم أيها العرب الموتى الضمائر .. نداء بائس مؤلم من حناجر الحرائر يوقظ من في القبور.
الذئاب البشرية تفترسنا. لم يرحموا صغيرة ولا أرملة ولا ثكلى. هنا الزعتري تختطف النساء وتغتصب وتخدع. ثم ترمى جثة هامدة خلف الخيم.
ومن يثُر من خلفها من الرجال يُضرب ويرحّل إلى سوريا بحجة إثارة الشغب. ثم تأتي الرواية الرسمية للإعلام عن أعمال شغب في المخيم من أجل المعونات!
أيها النشامى الموتى الضمائر.
في مخيم الزعتري عادت تجارة الرقيق يا أيها العبيد. يخدعون النساء تحت أستار وساطات الزواج و«السترة».
يستغلون ضعف الحرائر وقلة حيلتهن وبؤسهن، فجزى الله هؤلاء «المسلمين» شر الجزاء.
«الشعب السوري» مصطلح يطلق على أناس فتحوا بيوتهم ومستشفياتهم وجيوبهم وقلوبهم لكل الشعوب الأخرى في السرّاء والضّراء، لكن أغلقت دونهم الأبواب. سميناهم ضيوفا وسمونا لاجئين.
أكرمناهم فأهانونا.. وكانت أبوابنا مفتوحة دوماً! واليوم حتّى الزعتري أغلق أبوابه على من فيه. ووضع عليها حرّاسا غلاظا شدادا حتى لا يخرج منه أحد! فماذا أقول بعد؟
باب الله وحده مفتوح لا يغلق. هنا الزعتري .. حيث تصدح الحناجر ليل نهار « حسبنا الله ونعم الوكيل» .