الحكومة، التي تراجعت شعبيتها منذ إعلانها قانون الضريبة الذي أقرّه البرلمان أخيراً وصدّق عليه الملك، تعاملت مع هذه الاحتجاجات من باب مشروعيتها من دون الخوض في تفاصيل، مع أن بعض وزرائها كانوا من المصطفين إلى جانب المشاركين في الاحتجاجات الأولى في رمضان. أما المؤسسة الأمنية، بعقليتها القديمة، فتعاملت مع الحدث بالطريقة التقليدية، إذ شنّت بعد المظاهرة حملة استدعاءات واعتقالات، كان آخرها لعضو في «اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية»، اعترضت سيارته ورفعت السلاح عليه واقتادته إلى دائرة «المخابرات العامة»، في رسالة واضحة إلى الحزب المعارض (هو جزء من ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية) الذي زادت وتيرة تصادمه مع الدولة، خصوصاً خلال الحراك الذي اندلع في 2011.
وكان الإجراء الأبرز منذ عامين هو منع «الوحدة الشعبية» من إحياء ذكرى استشهاد أبو علي مصطفى، الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية»، وقد استجاب الحزب للمنع العام الماضي، لكنه لم يستجب هذا العام. والإجراء الثاني كان عدم صرف حصة الحزب من المخصصات الحكومية المرصودة للأحزاب في المملكة، عدا المضايقات الأمنية والتوقيفات والتضييقات المستمرة بحق كوادره.
تعامل الأمن بالطريقة التقليدية إذ شنّ حملة اعتقالات بعد انتهاء المسيرة
في هذه الأثناء، بعيداً نحو الجنوب، عُقدت اجتماعات العقبة التي ترأسها الملك عبد الله مع الثنائي الذي لا ينفصل عنه في الاجتماعات الرسمية، مستشاره وهو ذاته مدير مكتبه، منار الدباس (كان مديراً تنفيذياً في مكتب الأمير السعودي تركي بن طلال بن عبد العزيز ما بين 2006 ـــ 2010)، ووزير الخارجية أيمن الصفدي الذي يبدو بعلاقته مع الملك كأنه خارج التوليفة الحكومية المنشغلة بالقضايا المحلية. و«اجتماعات العقبة» هي لقاءات رفيعة المستوى برعاية ملكية منذ 2015، وهدفها «تعزيز التنسيق والتعاون الأمني والعسكري وتبادل الخبرات والمعلومات بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والتطرف»، ويشارك فيها وفود من كبار المسؤولين من دول جنوب شرق آسيا وشركاء دوليون إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة «حلف شمال الأطلسي».
وكما في العام الماضي، جاء هذا العام بلقاءات أجراها الملك بنفسه، علماً بأن ألبانيا استضافت أول لقاء هذا العام تحت المظلة نفسها في حزيران/يونيو الفائت، فيما استضافت هولندا اللقاء الثاني في الشهر الماضي. أما الاجتماع في المملكة، الذي عقد في الثامن والتاسع من الشهر الجاري، فهدفه «مناقشة التحديات الأمنية في منطقة شرق أفريقيا»، وفق وكالة الأنباء الرسمية «بترا». والوفود التي أعلن أنها تمثل القارة السمراء هي من: زامبيا، وكينيا، ورواندا، والصومال، بالإضافة إلى وفد أميركي وآخر من الشرطة الدولية.
منذ مدة، يبدو الشغل الشاغل للأردن، الذي يمثل أحد أبرز القواعد الأميركية العسكرية في المنطقة، المسألة المتعلقة بمكافحة الإرهاب، إذ إن المساعدات الأميركية غير المسبوقة حصلت عليها المملكة تحت هذا العنوان. وكانت عمان قد وقعت مع واشنطن مذكرة تفاهم في شباط/فبراير الماضي تتلقى الأولى بموجبها ما مجموعه 6 مليارات دولار كمساعدات اقتصادية وعسكرية ومشاريع تنموية على مدى خمس سنوات (2018 ــــ 2022)، وقد تسلم الأردن الدفعة الأخيرة من مخصصاته بموجب هذه المذكرة للعام الحالي أمس، على صورة مبلغ 745.1 مليون دولار تم تحويله إلى البنك المركزي لحساب خزينة الدولة.