في ظلّ استمرار الأجواء الإيجابية المحيطة بترتيبات انطلاق الجولة التفاوضية الجديدة بين الأطراف اليمنيين في السويد، غادر وفد «أنصار الله» وحلفائها العاصمة صنعاء إلى استوكهولم، برفقة المبعوث الأممي مارتن غريفيث. وفيما يُنتظر أن تنطلق المفاوضات غداً، يستمرّ الدفع الأممي في اتجاه إيجاد تسوية للوضع في مدينة الحديدة، فيما تُسجّل على المقلب السعودي ـــ الإماراتي مواقف جديدة يمكن ـــ في حال ثبوت صدقيتها ـــ أن تمهّد الطريق لإرساء الحل السياسي.وفي أعقاب إتمام عملية الإجلاء الطبي لـ50 جريحاً من «أنصار الله» إلى مسقط، أقلعت، أمس، من مطار صنعاء الدولي، طائرة كويتية تقلّ ممثلي حكومة «الإنقاذ»، ومعهم غريفيث والسفير الكويتي لدى اليمن، باتجاه العاصمة السويدية التي ستنعقد المحادثات في إحدى ضواحيها. وأكد الناطق الرسمي لـ«أنصار الله»، رئيس وفدها التفاوضي محمد عبد السلام، لدى إعلانه نبأ المغادرة، «(أننا) لن ندخر جهداً لإنجاح المشاورات وإحلال السلام»، داعياً في الوقت نفسه الجيش واللجان الشعبية إلى أن «يكونوا متيقظين لأي تصعيد»، لافتاً إلى أن القوات الموالية لـ«التحالف» «دشّنت التصعيد العسكري منذ صباح اليوم (أمس)». تصعيد فنّد تفاصيله الناطق باسم القوات المشتركة، يحيى سريع، الذي أفاد بأن «العدو صعّد من هجماته وزحوفه منذ الصباح الباكر في جبهة نهم، وجبهات الحدود»، جازماً أن «محاولاته تحقيق تقدم على الأرض كُسرت»، معتبراً أن «تصعيد العدوان يؤكد عدم جديته في تحقيق أي نجاح في جهود السلام».
وعلى رغم استمرار المناوشات العسكرية على الأرض، إلا أن الحديث السياسي ظلّ يدور في إطار دعم مفاوضات استوكهولم والدفع في اتجاه إنجاحها. وفي هذا السياق، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، إن مشاورات السويد «توفر فرصة حاسمة للانخراط بشكل ناجح في حل سياسي مستدام ينهي الأزمة الحالية»، معتبراً أن «قرار مجلس الأمن الدولي 2216 يقدم خريطة طريق قابلة للتطبيق»، علماً أن القرار المذكور أضحى شبه غائب عن الخطاب الأممي والدولي في شأن جهود إنهاء الحرب. وإلى جانب الدعم الإماراتي المُعلَن للمحادثات، جاء تشديد رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، على ضرورة «تركيز المحادثات على الإدارة المستقبلية لميناء الحديدة ووقف القتال» ليزخّم عملية الدفع في اتجاه التهدئة والشروع في الترتيب للتسوية السياسية. وفيما أعلن المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، أن «تقريراً مرتقباً في شأن الأمن الغذائي ربما يظهر زيادة في معدلات الجوع الشديد، أشار مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، إلى أن اليمن سيحتاج إلى تمويل خارجي بمليارات الدولارات لتجنّب حدوث انهيار آخر في العملة.
ومن المتوقّع أن يشكل الملف الاقتصادي بنداً رئيساً على أجندة الأيام الأولى من مفاوضات استوكهولم، إلى جانب بقية إجراءات «بناء الثقة»، التي كان بدأ الشروع فيها أول من أمس بإجلاء الجرحى والتوقيع النهائي على اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين. وقال مسؤول ملف الأسرى في فريق حكومة الرئيس المنتهية ولايته، هادي هيج، إن الاتفاق سيُنفّذ بعد انتهاء المفاوضات، وهو ما لا يبدو مستبعداً بالنظر إلى أن عملية التبادل تتطلّب وقتاً تستغرقه التحضيرات اللازمة لها. ووفقاً لمصادر من داخل «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى» التابعة لـ«أنصار الله»، والتي غادر رئيسها عبد القادر المرتضى مع الوفد المفاوض إلى السويد، فإن المنتظر أن تطلق حكومة عبد ربه منصور هادي سراح 600 أسير من «أنصار الله»، مقابل أن تفرج الأخيرة عن 1400 أسير ومعتقل من الطرف الأول. صفقة وصفتها الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء، ميريلا حديب، بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح»، مُعلنة أن «اللجنة ستشرف على عملية التبادل وتسهّلها». على خط مواز، وفي خطوة لافتة قبيل انطلاق المحادثات، أُعلن في صنعاء، أمس، تشكيل «اللجنة التحضيرية للهيئة التنسيقية لأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية لمقاومة العدوان وطرد الاحتلال»، والذي يستهدف بحسب مصادر سياسية مطلعة «منع المحتلّ الإماراتي من الاستئثار بالقرار الجنوبي»، في مرحلة يُفترض أن توطّئ لمشهد ما بعد الحرب.