تونس | تحت شعار «تونس شعب حر والتطبيع لن يمر»، و«مقاومة ومقاومة... لا صلح لا مساواة»، خرج عشرات المواطنين في العاصمة التونسية، أمس، في تظاهرة أمام المسرح البلدي، احتجاجاً على تعيين اليهودي رونيه الطربلسي وزيراً للسياحة والصناعات التقليدية، في التعديل الحكومي المثير للجدل لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، الإثنين الماضي، معتبرين أن تعيينه يندرج في إطار حملة تقودها دول عربية من أجل التطبيع مع إسرائيل، والاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال.المحتجون، المنتمون إلى عدة أحزاب، من بينها «التيار الشعبي» وحركة «الشعب» وحركة «النضال والوطني» وحزب «الوحدة»، وجمعيات مثل «الرابطة التونسية للتسامح»، و«هيئة دعم المقاومة» و«الملتقى الشبابي»، طالبوا أيضاً بتجريم التطبيع، رافضين توزير الطرابلسي، نظراً إلى مواقفه الداعمة للصهيونية، ومنها دعوته إلى استضافة 20 ألف صهيوني في تونس، وإدلاؤه بتصريحات إعلامية مع وسائل إعلام إسرائيلية حول اضطهاد اليهود في تونس، ومساهمته في تأسيس فرع لـ«الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية» (ليكرا) في تونس، وهي منظمة دولية معروفة بدعمها للصهيونية وللكيان المحتل. وهي ممارسات دفعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، إلى الاحتفاء بتعيينه، عبر حساب «إسرائيل بالعربية» في «تويتر»، الذي وصف حكومة الشاهد بـ«حكومة التعايش»، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى احتفاء وسائل إعلام إسرائيلية به، كـ«جيروزاليم بوست»، التي اعتبرت أن التعديل «فرصة أخيرة لتونس لحلحلة الأزمة السياسية، ومن خلفها الاقتصادية»، بعد ما وصفته «نفاد صبر الجهات المانحة الدولية».
يعقد البرلمان جلسة عامة اليوم مخصَّصة لمنح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد


رئيس «الرابطة التونسية للتسامح»، صلاح المصري، أكد في حديث إلى وسائل إعلام محلية أن «تعيينه يندرج في إطار حملة تقودها بعض البلدان العربية من أجل التطبيع مع إسرائيل، وجعل القدس عاصمة للكيان الصهيوني، من جهة، ورداً على انتصارات سوريا والمقاومة ضد المشاريع الأميركية الصهيونية، من جهة أخرى»، داعياً إلى «العمل على تجريم التطبيع مع العدو الإسرائيلي والانتصار للسيادة الوطنية»، وإلى إسقاط التعديل الحكومي الذي عُيّن خلاله الطرابلسي وزيراً للسياحة في البرلمان، الذي يعقد اليوم، جلسة عامة ستخصَّص لمنح الثقة لأعضاء الحكومة الجدد، المقترحين ضمن التعديل الوزاري. ومن المتوقع أن تدعمه حركة «النهضة» التي تمتلك أكبر كتلة، وتملك القرار النهائي والحاسم في المصادقة على الوزراء الجدد. لكن المصري رأى أن التعديل «قد أسهم فيه الشاهد والنهضة، من أجل إرضاء الدوائر الصهيونية والأميركية، ولتمرير مشروع التطبيع الذي تعهدوا به للجنة الشؤون العامة الأميركية ــ الإسرائيلية (إيباك)»، التي تُعدّ من أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأميركي. وعبّر المتحدث عن اعتراض المحتجين، كذلك، على ترشيح أحمد قعلول وزيراً للشباب، ضمن التعديل الوزاري الأخير، باعتباره استدعى صهاينة، خلال شهر نيسان/أبريل 2018، للمشاركة في الدورة العالمية للتايكوندو، عندما كان رئيساً للجامعة التونسية للتايكواندو. من جهته، اعتبر رئيس جمعية «دعم المقاومة ومناهضة التطبيع»، أحمد الكحلاوي، في حديث صحافي، أن «الحكومة الحالية بصدد إقامة علاقات مع العدو الصهيوني بتعيينها وزيراً ينتمي إلى هذا الكيان» وفق قوله، مشيراً إلى أن «أفراد عائلة روني الطرابلسي يتباهون بجنسيته الإسرائيلية»، ومذكّراً بدعوة الطرابلسي إلى السماح لحاملي جواز السفر الإسرائيلي بالدخول إلى تونس خلال موسم حج اليهود إلى جربة، وهو معلم يهودي قديم ومعروف يحج إليه المنتمون إلى الديانة اليهودية سنوياً، ويشرف على هذا النشاط والد رونيه، جوزيف الطرابلسي، رئيس الجمعية اليهودية التونسية.
من جهتهم، أعلن عدد من المحامين، أمس، في «فايسبوك»، تقديم عريضة إلى المحكمة الإدارية، طعناً في تسمية روني الطرابلسي إلى منصب وزير السياحة، «لا لكونه يهودي الديانة»، بل يتأسس الطعن، وفق المحامي التونسي محمد صالح التومي، على عنصرين، أوّلهما «هو أن روني الطرابلسي لا ينكر تطبيعه مع الكيان الصهيوني، ويعترف بأنه منذ سنين وبتواطؤ مع الحكام، ينظم رحلات من خلال وكالة أسفار على ملكه لاستقدام صهاينة مباشرة من الكيان، بجوازات سفر مسلّمة من هذا الكيان، لزيارة مَعْلم الغريبة بجربة». وثانيهما: «هو أن المعني بالأمر (الطرابلسي)، بصفته صاحب وكالة أسفار، التي تشتغل على مستوى عالمي، من الممكن جداً أن يستغل منصبه لخدمة مصالحه الخاصة على حساب المصلحة السياحية العامة لتونس، فهذا ما يسمى تضارب المصالح»، إذ يعتبر الطرابلسي واحداً من أكبر رجال الأعمال في فرنسا وأوروبا، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «رويال فيرست ترافل» (Royal First Travel) الرائدة في مجال السياحة، كما يمتلك العديد من وكالات الأسفار العالمية.
وعلى إثر الجدل المحتدم في تونس، أعلن حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي»، في بيان، أمس، تجميد عضوية حبيب الكزذغلي، بسبب توليه الرئاسة الشرفية والإشراف على مركز دراسات تابع لـ«الرابطة العالمية ضد العنصرية ومعاداة السامية»، والتي كان الطرابلسي قد شارك في حفل تدشين افتتاح فرع لها، السبت الماضي. وقال الحزب إن قراره جاء بناءً على مواقفه «الثابتة والتاريخية في مناهضة جميع أشكال العنصرية ومقاومة الصهيونية والتطبيع والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني دفاعاً عن قضيته العادلة». لكن المفارقة تكمن في أن الحزب المذكور مشاركٌ في التحالف الحاكم، إذ يشغل ممثله، سمير بالطيب، منصب وزير الفلاحة. فإذا كانت تلك مواقفه، فكيف يمكنه العمل إذاً في حكومة يمكن أن ينضم إليها الطرابلسي نفسه؟