توازياً مع توالي التسريبات حول زيارات منتظرة لمسؤولين إسرائيليين إلى البحرين، شهدت المملكة تصاعداً في الحراك الشعبي الرافض للتطبيع، الذي تمثّلت آخر حلقاته في دعوة رسمية وُجّهت إلى وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي، إيلي كوهين، لحضور مؤتمر اقتصادي يُعقد في المنامة مطلع العام المقبل. وشهدت شوارع المنامة والدراز والهملة، خلال الأيام القليلة الماضية، تظاهرات غاضبة رفضاً لما يقوم به النظام من خطوات متسارعة لتكريس العلاقات الطبيعية مع إسرائيل.وبالتزامن مع تلك التظاهرات، دعت «هيئة علماء البحرين» إلى «النزول إلى الميدان نزلة رجل واحد يوم الجمعة المقبل تنديداً بالتطبيع الخليفي مع الكيان الصهيوني»، وحثّت على «تلبية النداء الشرعي والوطني لإعلان الصرخة المدوية في وجه النظام الديكتاتوري ومساعي الخيانة العظمى للأمة». وشددت على أن التطبيع «أمر لا يمكن السكوت عليه أبداً»، مُوجّهةً المتظاهرين برفع شعار «الموت لإسرائيل والموت للخونة العملاء».
وأكدت «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية»، التي حُكم على أمينها العام الشيخ علي سلمان قبل أيام بالسجن المؤبّد، بدورها، أن «التطبيع خيانة عظمى»، مشيرة في بيان إلى أن «التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن تلقي بنيامين نتنياهو دعوة لزيارة البحرين ترفع درجة الاستفزاز للون الأحمر، وتضعنا أمام تحدٍّ كبير وخطير». ورأت أن «التحول في السياسة الرسمية يصادر كل القيم والعهود والالتزامات الإنسانية والإسلامية لشعب البحرين تجاه قضية القدس وفلسطين المحتلة»، مضيفة أن «كل مشاريع التطبيع والتماهي تجاه الكيان الصهيوني مرفوضة ومدانة، سواء التطبيع الاقتصادي أو الرياضي أو الإعلامي أو التجاري أو أي نوع أو مستوى من التطبيع وبأي طريقة».
من جهته، وصف «ائتلاف 14 فبراير» «خطوات التطبيع المنبوذة مع الكيان الصهيوني» بأنها «جريمة مستفزة ومؤلمة لشعب البحرين»، واضعاً إياها في إطار «سياسة الهروب إلى الأمام خوفاً من الموقف الشعبي»، ومشدداً على أن «ورقة الصهاينة لن تفلح في إخراج الحاكم الخليفي مما يعانيه من أزمات داخلية»، في حين جزم «تيار الوفاء الإسلامي» أن الصهاينة «لن يجدوا بيئة آمنة لهم في البحرين»، محذراً من أن البحرينيين سيعتبرون كل إسرائيلي «هدفاً مشروعاً».
ويُعدّ النظام البحريني من أكثر المتحمّسين في منطقة الخليج للتطبيع مع إسرائيل، وتأتي خطواته الأخيرة هذه في ظلّ تصاعد غير مسبوق في مساعي التقرّب من تل أبيب تمهيداً لإعلان العلاقات معها. ولم يخفِ ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة، ومسؤولوه، مراراً، ميل السلطات إلى مزيد من الانفتاح على الكيان المحتلّ، خصوصاً أنهم أعطوا الضوء الأخضر بل وشاركوا في كثير من الفعاليات التطبيعية التي شهدتها المملكة. وقبل أيام، لم يتردّد وزير الخارجية، خالد بن أحمد، في الإشادة بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أهمية السعودية في «حفظ استقرار المنطقة»، في تماهٍ مقصود مع المواقف الصادرة من تل أبيب.
وتعود مساعي التطبيع بين المنامة وتل أبيب إلى أكثر من عقد. إذ وقّعت البحرين عام 2005 اتفاقاً تجارياً مع واشنطن انسحبت بموجبه من المقاطعة التجارية العربية لإسرائيل. وفي عام 2007، أعلن وزير الخارجية نفسه تلقّيه طلباً لتطبيع العلاقات من وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها، تسيبي ليفني. وفي عام 2017، أطلق ملك البحرين دعوة، وفق صحيفة «تايمز» البريطانية، لإنهاء المقاطعة العربية لإسرائيل. وفي نهاية العام نفسه، زار وفد بحريني ضمّ 24 شخصاً، من جمعية «هذه هي البحرين»، إسرائيل، تنفيذاً لقرار إنهاء المقاطعة، وتزامنت تلك الزيارة مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل.