عمان | طبقاً للإجراءات الدستورية، نشرت «الجريدة الرسمية» في الأردن «الموافقة الملكية» على قرار مجلس الوزراء المتضمن إخطار إسرائيل رفض تجديد الملحقين 1ب و 1ج لاتفاقية التسوية بين الجانبين والمتعلقين بالسيطرة الإسرائيلية على منطقتي الباقورة والغمر، خصوصاً أن تسليم الخارجية الأردنية نظيرتها الإسرائيلية مذكرتين بإنهاء الملحقين لا يمثل خطوة حاسمة لهذا الملف. فالمادة السادسة في كلا الملحقين تقول إنه في حالة إخطار أي طرف للآخر بنيته إنهاء العمل بهذه الملاحق قبل سنة من انتهاء المدة (25 سنة)، يدخل الطرفان في «مشاورات» حيال الموضوع، وهو ما استغلته إسرائيل من اللحظة الأولى عندما أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نيته التفاوض لتجديد استئجار المنطقتين. والآن فعلياً أرسلت تل أبيب طلباً رسمياً للتفاوض على استعادة الباقورة والغمر.لكن ماذا بعد؟ لدى الأردن ملفات عدة يستطيع أن يناور بها إذا أراد اغتنام «الفرصة»، كما يرى مراقبون، منها ما يتعلق بالوصاية الهاشمية على الحرم القدسي وتحسين الوضع فيه، وأيضاً المطالبة بإبقاء مسار التفاوض في القضية الفلسطينية على ما هو عليه، أي «التمسك بحل الدولتين» وبقاء الأردن كشريك في الترتيبات المقبلة. وإن لم تستطع عمان العمل على الاستفادة الاستراتيجية من طلب التجديد الإسرائيلي، فهناك ملفات مهمة أخرى مثل المياه والمديونية المائية الأردنية لإسرائيل، أو حتى الدفع قدماً لتحريك عربة مشروع «قناة البحرين» (الأحمر الميت) في ضوء التجاهل الكبير من الطرف الإسرائيلي، والتقليل من أهمية المشروع وقلة جدواه الاقتصادية.
مع ذلك، لم تُبدِ أوساط القرار أي اتجاه سوف تسلك، كما لو توضح هل الموقف الذي لجأ الملك عبد الله الثاني إلى إعلانه شخصياً هو موقف مبدئي يتعلق بالسيادة، أو رد فعل على الواقع المحشورة فيه المملكة، أو خطوة هدفها المناورة والاستفادة من الطلب الإسرائيلي المتوقع، والذي صار حيّز الوجود.

وساطة أردنية لدى السعوديين
من جهة أخرى، وبعدما صار القرار السعودي منع إصدار تأشيرات عمرة للفلسطينيين من حمَلة الجوازات المؤقتة ووثائق السفر مؤكداً (راجع: «إغراءات» صفقة القرن: الحج والعمل مقابل حق العودة! في 28/9/2018)، أعلن وزير الأوقاف الأردني عبد الناصر أبو البصل، أمام «لجنة فلسطين» النيابية، أنه سيترأس وفداً إلى العاصمة السعودية الرياض لبحث أسباب «منع عرب الأرض المحتلة عام 1948 والغزيين ممن لا يحملون أرقاماً وطنية أردنية من الحج والعمرة». ونقلت وسائل إعلام محلية تأكيدات عن أبو البصل أن هاتين الفئتين مُنعوا من الذهاب للسعودية بعد فتح موسم العمرة عقب موسم الحج الأخير، كما أشار إلى أن الحكومة الأردنية منذ ١٩٧٨ تسهل سفر الفلسطينيين لأداء الحج والعمرة بجوازات أردنية.
ستحاول عمان إلغاء القرار السعودي منع تأشيرات العمرة على فئات معينة


وبموجب القرار السعودي، لن يحصل حملة الجوازات الأردنية المؤقتة (بلا رقم وطني ويصدر لمن أصولهم من غزة أو حالياً من سكان القدس)، وحملة الوثائق بأنواعها (الصادرة عن كل من مصر ولبنان وسوريا والعراق ومصر)، على تأشيرات دخول إلى السعودية.
من جانب آخر، لم يمضِ شهران على القرار الأردني الخاص بأبناء القدس، والمتعلق بالسماح لهم بتقديم طلبات إصدار هذا الجواز من القدس أو رام الله من دون الحاجة إلى السفر إلى المملكة، حتى التقى وفد من «دائرة الأحوال والجوازات الأردنية» قبل أيام القائم بأعمال قاضي القضاة، واصف البكري، في مكتبه في القبة النحوية في المسجد الأقصى، وذلك للاتفاق على الترتيبات اللازمة لإطلاق خدمة تجديد الجوازات عن طريق المحكمة الشرعية في القدس.
وتم توقيع اتفاقية تعاون لخدمة استلام طلبات التجديد لجوازات السفر الأردنية للمقدسيين في 30 أيلول/ سبتمبر الماضي، بين البريد الأردني ممثلاً بالمدير العام خالد ذيب اللحام، و«الشركة الفلسطينية للتوزيع والخدمات اللوجستية» (واصل)، علماً أنه تقرر أيضاً خَفض رسوم تجديد الجواز المؤقت لهم من 200 دينار أردني (نحو 280 دولاراً أميركياً) إلى 50 ديناراً (نحو 70 دولاراً)، وهو ذات السعر الذي يدفعه المواطن الأردني من أجل جوازه.

استقالات لامتصاص الغضب الشعبي
محلياً، عرقلت مأساة البحر الميت التي وقعت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي جدول أعمال رئيس الوزراء عمر الرزاز «المزدحم»، في وقت صدرت فيه «الإرادة الملكية» أمس، بقبول استقالة اثنين من وزراء الحكومة. وليس أمراً مألوفاً أن يقدّم الوزراء استقالاتهم بعيداً عن الحكومة كلها، أو في معرض تعديل وزاري، علماً أن الرزاز أجرى التعديل الأول على تشكيلته في بداية الشهر الماضي. والمستقيلان هما وزيرة السياحة والآثار لينا عنّاب الخميس الماضي، وتبعها وزير التربية والتعليم عزمي محافظة، وذلك بعد يوم واحد من لقاء رئيس الوزراء بهما، في خطوة واضحة لامتصاص السخط الشعبي الذي حملهما المسؤولية وطالبهما بالتنحي، وأيضاً بتشكيل لجان تحقيق من السلطات الثلاث، كان آخرها لجنة أمر الملك بنفسه بتشكيلها بعد لقائه بعيداً عن الصحافة مع أسر الضحايا.
ومع أن الاستقالتين جاءتا متأخرتين، وقبل خروج لجان التحقيق بتقاريرها، فإنهما صارتا ضروريتين حتى لا يطيح الغضب برقبة الحكومة التي ينتظرها الكثير ولا يوجد لديها وقت للتأجيل. مع ذلك، وفق المادة الـ57 من الدستور، «يوقف عن العمل الوزير الذي تتهمه النيابة العامة إثر صدور قرار الإحالة عن مجلس النواب، ولا تمنع استقالته إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار في محاكمته»، ما يعني أن المسؤولية قد تلاحق عناب ومحافظة على رغم خروجهما من الحكومة.