سلفيت | «إغلاق المدارس والعيادات التابعة لـ«الأونروا»، إنهاء وجود المخيم، ومصادرةُ أراضٍ»، هذا ملخّص خطة بلدية القدس التابعة للعدو الإسرائيلي في اقتلاع «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) من المدينة المحتلة، تمهيداً لتصفية دورها هناك، ومن ثم قضية اللاجئين. بدأت بواكير تنفيذ الخطة منذ اقتحام موظف إسرائيلي يعمل في البلدية عيادة «الأونروا»، قرب باب الساهرة برفقة جنديين في السادس من الشهر الجاري، وتبعها خطوةٌ لرئيس بلدية العدو، نير بركات، بزيارته مخيم شعفاط للمرة الأولى منتصف الأسبوع الماضي.وكان بركات قد كشف مطلع الشهر الماضي عن نيته تقديم خطة عاجلة لوقف أنشطة «الأونروا» في المدينة، متهماً إياها بخذلان 30 ألفاً من سكان مخيم شعفاط، وبـ«التحريض على الإرهاب»، ثم صرّح قبل أيام حاسماً: «لا يوجد لاجئون في القدس، بل سكان فقط، وسيحصلون على خدماتهم من بلديتنا وحدها»! كما قال إنه يرفض تعريف اللاجئين «الواسع» من منظور الوكالة، الذي يشمل نسل الفلسطينيين الذين هُجّروا منذ نكبة عام 1948، وذلك خلال كلمة له في مؤتمر نظمته قناة «حداشوت» العبرية، ليبدأ بعدها مسلسل التنفيذ.
زيارة بركات إلى شعفاط حملت دلالاتٍ كبيرة، فقد جاء مع عمّال النظافة التابعين للبلدية مؤكداً أنهم سيحضرون في المخيم يومياً. وتقول مصادر محلية إن العمّال كانوا موجودين سابقاً بعددٍ أقل ومستوى ضعيف. لكن رئيس بلدية الاحتلال قال: «حان الوقت لوضع التعامل مع هؤلاء كلاجئين جانباً، والنظر إليهم كسكان وإعادة تأهيلهم»، مضيفاً: «سنُغلق مدارس وكالة الغوث، وسنضع حداً للتحريض ونمنح التلاميذ الأمل بإقرار المنهاج الإسرائيلي» في مدارس المدينة.
مع هذا، لا يبدو أن حكومة العدو أقرت هذه الخطة رسمياً بعد، مع أن بركات شرع في تنفيذ بنودها فعلياً، وذلك قبل أسبوع من انتهاء ولايته الجارية، إذ من المُقرر أن تُجرى الانتخابات الإسرائيلية البلدية نهاية الشهر. كما أن الخطّة التي يصّر عليها بركات ويدفع باتجاه تنفيذها تبدو «سياسية أمنية»، وليست مجرد تصفية لحق العودة أو خاتمة إنجازات المنصب فقط، لأنه يرسم معادلةً واضحة مفادها أن «كل مكان تنشط فيه البلدية سيكون السكان العرب فيه أكثر رضاً وأقل عنفاً». ودوماً ينظّر بركات لمفهوم «التعايش من أوسع أبوابه»، وتشمل خطته معظم الخدمات والقطاعات. وهو يرى أن الوكالة الدولية تشكل عائقاً أمام تطور المدينة، لذلك قال بوضوح: «يجب أن ننهي الإشارة إلى اللاجئين كلاجئين ونعاملهم كمقيمين، وسنستمر في تطوير القدس كمدينة موحدة».
وتأتي خطة بركات كتتويجٍ أولي لمطلب رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، بإلغاء «الأونروا»، والهجوم الأميركي عليها. لكن مراقبين يرون أن خطة بلدية القدس لا تؤثر في ما اعترف به رئيس بلديتها (إنهاء خدمات «الأونروا» للاجئين ومعاملتهم كمقيمين)، بل تمتد لتطاول الهوية الوطنية الفلسطينية، على أساس أن وكالة الغوث شاهد على قضية اللاجئين ومأساة النكبة. وتقدم «الأونروا» خدمات تعليمية إلى نحو 1800 طالب فلسطيني في القدس، عبر مدارسها في: شعفاط، صور باهر، سلوان، حيْ وادي الجوز. أما على الصعيد الصحي، فتقدّمها عبر مركزٍ رئيسي داخل أسوار البلدة القديمة، علماً أن عدد اللاجئين المسجلين لدى الوكالة في القدس وضواحيها يبلغ 100 ألف.
في هذا الوقت، لا يزال المقدسيون بغالبيتهم يقاطعون انتخابات البلدية التابعة للاحتلال، على رغم أنهم يجبرون على دفع الضرائب المترتبة عليهم للبلدية سنوياً بما يقارب مئة مليون يورو، وذلك بعد مرور واحد وخمسين عاماً على احتلال المدينة. ويحق للفلسطينيين الموجودين في القدس التصويت بصفتهم مقيمين لا مواطنين، وهم تقريباً نحو 380 ألفاً من بينهم 15 ألفاً فقط يحملون الهوية الإسرائيلية، لكن يحق لـ180 ألفاً منهم التصويت (من هم فوق الـ17)، فيما لا يحق الترشح إلا لمن يحمل الهوية الزرقاء.
إلى ذلك، صدّقت الحكومة الإسرائيلية أمس على بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة «معاليه أدوميم» شرق القدس، على أن يجري البدء ببناء 470 وحدة بعد الموافقة السياسية على ذلك، فيما ستبنى بقية الوحدات خلال مراحل مقبلة، لكن بعد خضوعها لموافقة الحكومة.