مع أنه لم يُصدر بياناً يحدّد فيه قراراته، إلا أنّ ما رشح من خلال وسائل الإعلام ومواقف وزرائه يكشف بما لا يدع مجالاً للشك بأن قرارات المجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي غير المعلنة، لم تتناسب مع السقف السياسي الذي رفعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، عندما أوحيا كما لو أن تل أبيب على وشك المبادرة إلى عدوان واسع ضد قطاع غزة. وربما ينتظرون في تل أبيب تظاهرات اليوم والمدى الذي ستبلغه ردود الفعل على ما سيقوم به جيش العدو في مقابل مدنيين عزل. ولا يعني تعرض وزراء «المجلس المصغر»، للانتقادات السياسية والإعلامية، إلا أن رفع السقف الذي تعمدوه كان مدروساً وينطلق من تقدير أن هذه الرسائل قد ترعب فصائل المقاومة في القطاع، وتدفعها للخضوع في المفاوضات التي تولاها الطرف المصري. لكن المواقف الحازمة التي عبّرت عنها فصائل المقاومة وإطلاق الصاروخين نحو بئر السبع ووسط فلسطين المحتلة، حضرت بدلالاتها السياسية والأمنية لدى مؤسسة القرار، وأجبرتها على مقاربة التحدي من زاوية أكثر واقعية.بعد أكثر من خمس ساعات على المداولات، اتضح بشكل عملي أن الرأي السائد في «الكابينت» هو أن الحرب في الجنوب ليست في مصلحة إسرائيل في هذا الوقت، وبشكل مواز لا يختلف الوزراء على حقيقتين، الأولى أن التهديد الذي يقلق إسرائيل وجيشها هو الجبهة الشمالية. والثانية، أن المقاومة في غزة تجاوزت سقفاً لا يمكن إسرائيل أن تضبط نفسها إزاءه. وعلى هذه الخلفية، رفض المجلس الوزاري المصغر خطة طرحها ليبرمان، تتضمن شن عدوان ضد القطاع ويشمل اجتياحاً برياً واغتيال قياديين في «حماس» و«الجهاد الإسلامي». في المقابل، عرض الجيش، وبتشجيع من نتنياهو، خطة أخرى تنطوي على ردود بحسب ما يحدث على الأرض وفقط في حال «حاولت المنظمات الفلسطينية المسّ بإسرائيل». وفي هذا السياق، صادق «الكابينت» على زيادة منطقة عمل الجيش في الرد على التظاهرات المدنية قرب السياج مع غزة، والعمل في شكل قاسٍ أكثر ضد مطلقي البالونات. ومن المتوقع أن يبدأ تنفيذ هذه التعليمات في مواجهة تظاهرات اليوم.
هذه القرارات رأى فيها عضو «الكابينت» الوزير يوآف غالانت، أن «قواعد اللعبة سوف تتغير ونحن لن نقبل بإرهاب النيران وإرهاب السياج بعد الآن».
في المقابل، تناول آخرون حقيقة خلفية هذه القرارات والسقف المتدني لها بالقياس إلى سوابق الاعتداءات الإسرائيلية، وإلى تصريحات الثنائي نتنياهو وليبرمان. ورأى الوزير تساحي هنغبي أنه ينبغي الأخذ بالحسبان الوضع في الشمال، أيضاً، والذي هو الجبهة الأساسية: «ليس لنا مصلحة في حملة كبيرة أو صغيرة بل في إعادة الهدوء. ولكن إذا اتخذ الطرف الآخر خطوات تستوجب تذكيراً بالقوة فإننا سنفعل هذا بالشكل الأكثر إيلاماً». في المقابل، حاول الوزير يوفال شطاينتس، أن يجمع بين توجيه رسائل ردعية والإقرار بالقيود الموضوعية التي سبق أن أشار إليها في مرحلة سابقة، حول أولوية مواجهة تهديد الجبهة الشمالية، مشيراً إلى أن «الهدف واضح» وهو «إذا كانت ممكنة إعادة الهدوء والتهدئة إلى الجنوب من خلال رد حاد تليه تسوية، فإن الأمر أفضل من جولة حربية شاملة. وإذا لم يكن ممكناً القيام بذلك، يحتمل أن نكون في بداية جولة حربية شاملة وأنا لا أستبعد ذلك تماماً».
وكجزء من مساعي البحث عن مخرج يبرر عدم شن عدوان واسع على القطاع، على رغم سقوط صواريخ في العمق الإسرائيلي، أعلن جيش العدو أن تقديراته تشير إلى أن منصة تابعة لكتائب القسام هي التي أطلق منها الصاروخان باتجاه بئر السبع ووسط البلاد، وأن التقديرات هي أن هذا الإطلاق لم يتم بتوجيه من قيادة «حماس». في المقابل، قال مصدر عسكري إسرائيلي إنه لا يوجد استنتاج لدى الجيش حيال إمكانية أن يكون إطلاق القذيفتين تم بمبادرة محلية أو سيطرة جهة أخرى على المنصات. وتطرق إلى نظرية أن عاصفة برق شغّلت المنصة وتسببت بإطلاق الصاروخين وليس نتيجة تشغيل أحد الأشخاص، وأوضح أيضاً أن الجيش لا ينفي هذه النظرية، لكن لا يوجد إثبات على حدوث عاصفة برق في المنطقة أثناء إطلاق الصاروخين.