لا يزال رئيس الوزراء المُكلّف، عادل عبد المهدي، منشغلاً بإعداد رؤيته لمعايير انتقاء الوزراء، وسط أجواء توحي بأنه يولي عملية الإصلاح الاقتصادي المطلوب أهمية بالغة. ولئن كان عبد المهدي معنياً بتقديم تشكيلته الحكومية خلال 30 يوماً من تاريخ تكليفه، إلا أن مصادر متعدّدة من داخل اللجان التفاوضية التابعة للقوى السياسية ترجّح أن يقوم الرجل بزيارة البرلمان خلال أسبوعين من الآن، ليُعلن تشكيلته الوزارية وبرنامجها. مدة يصفها مصدرٌ مطلع داخل تحالف «الإصلاح» (مقتدى الصدر - حيدر العبادي) بـ«السريعة»، عازياً إياها إلى الدعم الذي يحظى به عبد المهدي داخلياً وإقليمياً ودولياً، مرجّحاً في حديث إلى «الأخبار» أن «يستمدّ الرجل أفكاراً من البيانات الوزارية السابقة، لتكون بمثابة خطة عمل للسنوات الأربع المقبلة».وعلى رغم التفاؤل بقرب إنجاز التشكيلة الحكومية، إلا أن مصادر اللجان التفاوضية نفسها تؤكد أنه «ما من جديد على صعيد تأليف الحكومة»، مبديةً ترقّباً مداه مطلع الأسبوع المقبل «حتى تتضح الأمور أكثر». ويقول أحد تلك المصادر إن «حراك عبد المهدي غير واضح، والترقب سيد المشهد، لأنه ما من شيء قد حُسم». وفيما تبدي القوى السياسية ــ على اختلافها ــ تمسّكاً بعبد المهدي، مؤكدّة دعمها الكامل له من أجل إنجاح تجربته، تتبادل في الوقت نفسه الاتهامات بالمسؤولية عن العرقلة. في هذا الإطار، يرى «التيار الصدري» و«تيار الحكمة» (عمار الحكيم) أن جناحَي «حزب الدعوة الإسلامية» (نوري المالكي، وحيدر العبادي) «لم يهضما بعد خروج الحكم من قبضة الحزب»، وهما (أي الصدر والحكيم) ينظران بـ«ريبة» إلى حراك الفريقين التفاوضيين التابعَين لجناحَي «الدعوة». لكن مصادر من داخل الحزب تؤكد، في الوقت الذي تعرب فيه بطريقة غير مباشرة عن أسفها لخروج «الدعوة» من الحكم، التزام الحزب بإنجاح تجربة عبد المهدي لسببين:
1- إثبات حُسن النوايا أمام مختلف القوى السياسية، خصوصاً أن الخروج من السلطة لا يعني الخروج من الحكم.
ينظر «التيار الصدري» و«الحكمة» بـ«ريبة» إلى حراك جناحَي «الدعوة»


2- الضغط الإقليمي، وتحديداً الإيراني، باتجاه الالتفاف حول عبد المهدي، والحيلولة دون فشل تجربته.
في المقابل، تعرب مصادر «الإصلاح» عن تخوّفها من «مشاكسة» يقودها نوري المالكي، مُستبعدةً أي حراك لحيدر العبادي الساعي إلى لملمة كتلته المتشظّية، وإعادة تشكيلها حتى يظفر بعدد من الوزارات. أما مصادر المالكي فترفض أي اتهام بـ«المشاكسة»، بل تشدّد على حضورها إلى جانب عبد المهدي بهدف «إنجاح تجربته، والنهوض مجدّداً بالبلاد». وهي تردّ على الاتهامات المُوجّهة إليها، باتهامات مضادة لزعيم «التيار الصدري» بـ«المشاكسة».
في خضم ذلك، يسعى عبد المهدي إلى إشراك مختلف القوى السياسية في تشكيلة حكومته، انطلاقاً من قناعة أعرب عنها أمام عدد من زائريه، مفادها بأن افتقاده هو إلى حاضن حزبي قد يؤدي إلى إخفاق التجربة، في حين أن تلك الميزة نفسها يمكن أن تقود إلى النجاح في حال التعاون مع القوى الأخرى، ما يعني أن «نجاحي هو نجاحكم كلكم، وإخفاقي إخفاقنا جميعاً»، وفق ما نُقل عنه. وتربط القوى الرئيسة في تحالفَي «البناء» (هادي العامري) و«الإصلاح» دعمها لعبد المهدي ــ إلى جانب كون الرجل محطّ توافق داخلي وخارجي - باعتقادها أن الرجل لن يكرّر تجربة «الدعويين» السابقة في التشبّث بدورة ثانية، خصوصاً أن عمره المتقدم (78 سنة) قد لا يسمح بالاستمرار في موقعه لثماني سنوات أخرى. ووفقاً لمصادر في تلك القوى، فإن تجربة عبد المهدي، إن نجحت، قد تقود الكتل السياسية إلى انتهاجها في الدورات المقبلة.