من المُنتظر أن تتحوّل الاجتماعات إلى علامة فارقة تفصل بين حقبتين
ولن يتخلّى البعث عن شعاره أو أهدافه، أو يقوم باستبدالهما، لكنّه سيقدّم مقاربة «فكريّة» جديدة للمفاهيم تتجاوز فكرة «الوحدة الجغرافيّة» إلى «الاتحاد الفكري». على أنّ أهمّ النتائج المتوقّع أن تؤسّس لها الاجتماعات الأخيرة هي تلك التي تتعلّق بمستقبل الدولة السوريّة، لا سيّما فتح الباب أمام «مناقشة مسألة إيلاء الصدارة للعروبة في تسمية الدولة، وما يتفرّع منها من تطبيقات»، وفق ما تشير إليه مصادر حزبيّة. وعلى رغم أنّ «البعث» لم يعد نظريّاً «قائداً للدولة والمجتمع» وفق الدستور الجديد الذي أُقر عام 2012، فإنّ إمرار أي تغيير «فكري» يرتبط بالدولة السورية يبدو بالغ الصعوبة من دون تأسيس «البعث» نفسه لذلك، لا سيما في ظل ارتباط كل الاتحادات والنقابات و«المنظمات الشعبية» به، الأمر الذي ينطبق على الحكومة ومجلس الشعب وبقية مؤسسات الدولة. ولا تنبع أهميّة هذه التغييرات من ذاتها فحسب، بل من كونها حلقة في سلسلة «مراجعات شاملة» بدأ العمل عليها فعليّاً منذ شهور على صُعدٍ عدّة. وعلى رأس المراجعات المذكورة، تبرز «البنية الأمنيّة» التي أُنجزت دراسات متكاملة في شأنها، بدءاً من «الهيكلية وتشعّبات المؤسسة الأمنية، مروراً بتسميات الجهات والفروع، وصولاً إلى المهام وآليات التنفيذ»، وتضاف إلى ذلك «دراسات مماثلة تتعلّق بالمؤسسة العسكريّة»، على ما تؤكّده مصادر «الأخبار». وربما صحّ إدراج «المرسوم 16» الناظم لعمل وزارة الأوقاف، في هذا الإطار (من المتوقّع أقرار المرسوم بعد الحاق جملة تعديلات به، وبما لا يؤثر في الهدف الأساسي المتوخى منه والمتعلّق بإشراف الحكومة مباشرة على كل تفاصيل الحياة الدينيّة). وبدا لافتاً أنّ الرئيس بشار الأسد، قد أشار قبل أيام إلى «إعادة تأهيل بعض الشرائح» الاجتماعيّة في سوريا. وقال خلال ترؤسّه الجلسة الافتتاحيّة لأعمال «اللجنة المركزيّة» (بصفته الأمين العام للبعث) إنّ «المعركة الحقيقيّة هي إعادة تأهيل شرائح كانت حاضنة للفوضى والإرهاب لكي لا تكون ثغرة يتم ضرب استقرار سوريا مستقبلاً من خلالها».