تتواصل، في مختلف المناطق اليمنية، الاحتجاجات الشعبية الرافضة لسياسة التجويع التي ينتهجها «التحالف»، في ظلّ توتر متزايد بين القوى المحلية المتحالفة مع الأخير، ينذر بموجة تصعيدية جديدة في المحافظات الجنوبية. وفيما تحاول السعودية والإمارات توجيه بوصلة الاحتجاجات ضد «أنصار الله»، يتبادل «المجلس الانتقالي الجنوبي» وحكومة عبد ربه منصور هادي الاتهامات، وسط تهديدات يطلقها الأول، ومحاولات استغلال لم تفلح إلى الآن في تحقيق أهدافها.وشهدت محافظة أبين (جنوب)، أمس، تظاهرات حاشدة تنديداً باستمرار انهيار العملة، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. ورفع المتظاهرون شعارات مُندِّدة بـ«التحالف» وحكومة هادي، مؤكدين أنهم سيستمرون في تحركاتهم «حتى نيل حقوقهم». مشهد انسحب، كذلك، على مدينة سيئون في محافظة حضرموت، حيث خرجت تظاهرة غاضبة أطلقت حراسة ديوان المحافظة النار على المشاركين فيها، ما أدى إلى إصابة أحدهم بجروح.
أما في محافظة شبوة، التي أخفقت قيادات «الانتقالي» الموالي لأبو ظبي في تسيير الهبّة الشعبية فيها بما يلائم مصالحها، فقد بدأ الجناح العسكري الموالي لـ«المجلس» (النخبة الشبوانية) تحركات ميدانية تحسّباً لأي «تمرد» يمكن أن تُسانده القوات المحسوبة على ما تُسمّى «الشرعية». وأفادت مصادر محلية، أمس، بأن مدينة بيحان في مديرية عسيلان شهدت توتراً عقب قيام «النخبة» بتعزيز قواتها هناك، رداً على استحداث اللواء 163، المحسوب على حزب «الإصلاح» (إخوان مسلمون)، نقاطاً عسكرية في المدينة. ودعا الناطق باسم «الانتقالي»، سالم ثابت العولقي، «المقاومة الجنوبية في شبوة إلى رفع مستوى التأهب والجاهزية، وصدّ تقدم أي قوة عسكرية من محافظة مأرب باتجاه عتق ومديريات شبوة الأخرى»، مُحمِّلاً «مَن يدفع بهذه القوات العسكرية للتقدم المسؤولية الكاملة عما سيحدث»، في تلويح بالاستعداد لسيناريو عسكري مماثل لما شهدته عدن أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي.
يحاول «التحالف» توجيه بوصلة الاحتجاجات ضد «أنصار الله»


التلويح بـ«الحسم» و«السيطرة» ترافقه تحركات متواصلة على المستوى السياسي، أملاً في الانقضاض على الاحتجاجات الشعبية، وتطويق الشخصيات القيادية التي تتصدّرها. في هذا الإطار، تبدو لافتة اللقاءات التي يعقدها رئيس القيادة المحلية لـ«الانتقالي» في شبوة، علي محسن السليماني، مع الشخصيات الاجتماعية في المحافظة، التي يحاول من خلالها تصوير الاحتجاجات بوصفها امتداداً لمواقف «الانتقالي». وتأتي تحركات السليماني رداً على النشاط المتواصل للواء المتقاعد أحمد مساعد حسين، إحدى أبرز الشخصيات الاجتماعية في شبوة، والذي جدّد أمس دعوته إلى الاستمرار في رفض «العبث والفساد والضحك على عقولنا والاستهتار بكرامتنا». وكان حسين قد تحدّى «الانتقالي» بأن يسيطر على المرافق الحيوية والإيرادات المالية وعملية تصدير النفط والغاز مقابل تأييده والوقوف إلى جانبه، في محاولة لإحراج «المجلس» على اعتبار أن الأخير لا يملك قراره ولا يستطيع الإقدام على أي خطوة من دون ضوء أخضر إماراتي.
الرضاء الإماراتي بالتصعيد السياسي والإعلامي من قِبَل «الانتقالي» ضد «الشرعية» لم ينسحب إلى الآن على الجانب الميداني، مع إمكانية تحقق ذلك في ظلّ التحشيد المتضاد بين الطرفين، خصوصاً في محافظة عدن. وسُجّلت، أول من أمس، تحركات عسكرية للألوية الموالية لهادي في مدن خورمكسر والعريش والشيخ عثمان، أعقبها وصول قوة عسكرية إماراتية إلى مطار عدن، لكن تلك القوة عادت صباح أمس إلى ميناء الزيت، من دون أن تتضح وجهتها الجديدة، وسط حديث عن أنها ستظلّ منتظرة في الميناء تحسّباً لأي طارئ. وتوازياً مع عمليات التحشيد المشار إليها، تتابع حكومة هادي هجومها الكلامي على «الانتقالي»، ورسائلها المبطنة إلى أبو ظبي، من دون أن تَقرُب السعودية أو التحالف عموماً. وجاءت آخر الرسائل المذكورة من بوابة محافظة سقطرى، حيث أعلنت «الشرعية» «رفضها أي تشكيلات عسكرية في الجزيرة، يجري إنشاؤها بعيداً عن وزارتي الدفاع والداخلية»، مُحذّرة من أن «مصيرها سيكون مصير الميليشيات المسلحة التي لا تتمتع بأي وجود شرعي».
على مقلب المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ، شهدت محافظة إب، أمس، مسيرة حاشدة تنديداً بـ«الحرب الاقتصادية» التي يشنّها «التحالف»، في وقت ادعى فيه المتحدث باسم الأخير، تركي المالكي، أن «ميليشيات الحوثي تتعمّد عرقلة مرور المواد الغذائية والنفط من الحديدة إلى صنعاء وإلى كافة المحافظات»، وهو ما نفته «مؤسسة موانئ البحر الأحمر» التي تتولّى إدارة ميناء الحديدة.