بغداد | انتخابات نيابية جديدة يشهدها العراق، بعد أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية الاتحادية في أيار/ مايو الماضي. تحطّ «الديموقراطية»، هذه المرة، رحالها في إقليم كردستان، حيث تنطلق اليوم العملية الانتخابية، بالاقتراع الخاص بمنتسبي وزارتي الداخلية وشؤون «البيشمركة» و«مؤسسة آسايش إقليم كردستان»، وسط توقعات بمشاركة أكثر من 170 ألف ناخب، في 93 مركزاً انتخابياً موزّعة على جميع أنحاء الإقليم، على أن تبدأ عملية عدّ وفرز الأصوات فور انتهاء عملية التصويت، من دون أن تُعلَن نتائجها بشكل فوري. ناخبو الإقليم سيختارون 111 نائباً عبر دائرة انتخابية واحدة، في وقت يتنافس 709 مرشحين ضمن تحالفَين (من ثمانية كيانات موزّعة على موالاة ومعارضة) على 100 مقعد، و 64 مرشحاً ضمن 19 كياناً مُمثِلة للمكونات على «كوتا» من 11 مقعداً. وقد انتهت، مساء أمس، الحملات الدعائية مع حلول فترة الصمت الانتخابي.وفي ظلّ ضعف التوقعات بتحسّن حظوظ الأحزاب المعارِضة، يُرجّح التمديد لـ«الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» اللذين يقتسمان السلطة منذ نحو 30 عاماً، خصوصاً أن تقديرات الأحزاب الرئيسة، وفق وكالة «رويترز»، تدور حول احتمال أن «لا يشارك أكثر من 40 في المئة من الناخبين المسجلين، والبالغ عددهم 3.85 مليون، في الانتخابات»، أي أقل من العدد الذي شارك في الانتخابات الاتحادية، وهو ما يعني ضعف الإقبال على التصويت، وبالتالي فائدة لـ«الديموقراطي» و«الاتحاد الوطني»، نظراً لأن ناخبيهما أكثر التزاماً وتقديراً لدورهما في ترسيخ الحكم الذاتي بعد حرب الخليج عام 1991.
وعلى رغم أن التوقعات «الطيبة» تذهب في اتجاه «الديموقراطي» و«الاتحاد» على السواء، إلا أن الانقسامات العاصفة بالأخير تفتح الباب على إمكانية تعزّز حضور الأول الذي يتزعّمه مسعود برزاني أكثر فأكثر، وهيمنته على الديناميات السياسية الكردية سواء داخل الإقليم، أو في ما يتصل بعملية تشكيل الحكومة الاتحادية في بغداد. لكن القيادية في «الاتحاد»، ريزان شيخ دلير، تتوقع، في حديث إلى «الأخبار»، «أن يحصل الاتحاد الوطني على نتائج أكثر من السابق»، معتبرة أن «نتائج انتخابات الإقليم لن تتأثّر بالواقع السياسي في بغداد، ولن تؤثّر في خيارات ترشيح رئيس الجمهورية، والمنافسة خالية من الخروقات». وتلفت دلير إلى أن «انتخابات الإقليم ستجرى بمشاركة جميع الأحزاب الكردية عدا التحالف الديموقراطي، والذي لن يشارك بسبب عودة زعيمه برهم صالح إلى الاتحاد الوطني»، مضيفة أن «الأجواء طبيعية في الإقليم على العكس من الانتخابات السابقة». وعن احتمال انتخاب رئيس جديد لكردستان، تؤكد دلير أن «الإقليم سيبقى بلا رئيس بعد أن ألغى البرلمان ــ سابقاً ــ المنصب».
وشهدت مدن «الإقليم» أمس، احتفالات عدة، حيث ألقى برزاني خطاباً في ملعب مدينة دهوك، دعا خلاله إلى «فتح صفحة جديدة مع بغداد، والعمل على توحيد الصف الكردي». أما في السليمانية فقد حاول «الاتحاد» إعطاء صورة موحّدة عنه، عبر جمع قادة أجنحته متمثّلين في كوسرت رسول، حاكم قادر، لاهور جنكي طالباني، وقوباد طالباني. وبموازاة احتفالات الحزبين الحاكمين، أقامت «حركة التغيير» مهرجاناً في السليمانية أيضاً، ركّزت الخطابات فيه على الاستمرار في «الإصلاح ومواجهة الفساد وإنهاء المحسوبية»، والتذكير بسجل «الحركة» كأوّل تنظيم سياسي «مدني» معارض ولد في كردستان في تموز/ يوليو 2009، واكتسح ربع مقاعد البرلمان آنذاك. أما «حراك الجيل الجديد»، فقد أقام حفلاً تعهّد فيه رئيسه شاسوار عبد الواحد بـ«العمل من أجل إنهاء حكم العوائل، وبدء صفحة جديدة من المسار السياسي في إقليم كردستان»، متوعّداً بـ«إحالة العوائل الحاكمة في الإقليم، وفي مقدمها عائلتا طالباني وبرزاني، إلى العدالة» حال فوز حراكه بالسلطة.
كذلك، تشارك في الانتخابات الأحزاب الإسلامية الكردية بقائمتين («الجماعة الإسلامية» و«نحو الإصلاح»)، يشدّد خطابهما على «الأمانة والنزاهة والصدق والعدل»، ويعتبر التصويت «شهادة وضرورة لاختيار الأصلح والأكفأ والأنزه» من منطلق الأدبيات الإسلامية.