مكاسب فوق 400%
ورغم فتح باب التقديم في مشروعات أخرى، مثل الإسكان الاجتماعي الحرّ لأجل غير مسمى، بسبب ضعف الإقبال على الوحدات الجاهزة للتسليم، تواصل الحكومة الاستعداد لمشروعات في المدن الجديدة، لكن بأسعار أعلى من الأسعار الطبيعية للوحدات السكنية كي تحقق مكسباً يفوق 400%. وفي الوقت نفسه، دخلت شركات القطاع الخاص في مشكلات بسبب تعثر مالكي الوحدات العقارية واضطرارهم إلى إعادة البيع لوحدات لم ينتهِ تشطيبها بعد. وحالياً، صارت مسألة بيع وحدة عقارية نقداً في العاصمة أصعب من أي وقت مضى، وذلك ليس مرتبطاً بارتفاع الأسعار كما يقول السماسرة، بل بصعوبة إيجاد السيولة اللازمة، ولا سيما مع توجه الشباب إلى الإيجارات، لكون التملك شبه مستحيل بالأسعار الحالية. واللافت أن آلاف الوحدات التي بيعت في السنوات الماضية لا تزال خالية من السكان.
تهدد أزمة إنجاز عقارات العاصمة الجديدة وبيعها أحد طموحات السيسي
من جهة أخرى، تواجه الحكومة إشكالات في الأراضي التي تمتلكها، وكانت ترغب في تحصيل رسوم من بيعها للمواطنين، إذ أعادت بعض الأراضي التي سحبتها من المواطنين إليهم، على أن يكون تسلّمهم لها بالأسعار الجديدة ووفق ضوابط وشروط ميسّرة، وذلك في محاولة لتوفير أكبر عائد مادي خلال الشهور المقبلة.
العاصمة الجديدة تتأثر
الأزمة الحالية يتوقع أن تؤثر في البرنامج الذي عرضته الحكومة على مجلس النواب قبل أيام، وتضمّن نية لإنشاء أكثر من 700 ألف وحدة سكنية متنوعة في السنوات الأربع المقبلة، في خطة وإن كانت معتمدة على البناء في المدن الجديدة، فمن المتوقع أن تواجه إشكالات في التنفيذ والتسويق، خاصة بعدما أخفقت محاولات التسويق المكثفة لوحدات العاصمة الإدارية الجديدة التي بنيت غالبيتها وفتح باب الحجز فيها بأسعار يراها كثيرون مبالغاً فيها، لأن سعر المتر في المنطقة التي لا تزال صحراوية يفوق سعره وسط البلد الآن، وحتى في باقي التجمعات العمرانية الجديدة.
رغم رفض الحكومة الاعتراف بالإخفاق في تسويق وحدات العاصمة الجديدة، فإن هناك وحدات جديدة في العاصمة ستطرح قريباً بعدما أوشك كل من الحكومة والقوات المسلحة على الانتهاء من تنفيذها، مع أنْ لا زبائن لها، وهو ما أخّر طرحها حتى الآن. يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه إحدى الشركات التي اشترت أرضاً من العاصمة الإدارية التراجع عن الشراء واستكمال الأقساط بعدما سددت أكثر من 100 مليون جنيه، إذ فضلت الخسارة القليلة في البداية بدلاً من الخسارة الكبيرة مستقبلاً، وفعلاً تراجعت عن تنفيذ المشروع الخاص بها بعد الإعلانات الضخمة التي أطلقتها وحجوزات المواطنين.
في المقابل، رفضت إدارة العاصمة الجديدة ردّ المبلغ الذي دفعته الشركة لحجز الأرض قبل التأكد من إعادة جميع الأموال إلى المواطنين والتزام نشر إعلان في الصحف بتوقف المشروع. صحيح أن ظاهر هذه الخطوة يحمل حرصاً على المواطنين، لكن الحقيقة مرتبطة بتخوف شركة العاصمة من تراجع شركات أخرى عن التعاقدات المبرمة بتخصيص الأراضي، ولا سيما أن معدلات الحجز أقل بكثير من المتوقع، فضلاً عن غموض الصورة في ما يتعلق بموعد العمل الفعلي في العاصمة وطبيعة ما سيُنقَل من مقارّ حكومية إليها.
لذلك، يحذر مطورون عقاريون من تعامل الشركة المالكة للعاصمة الإدارية مع شركات لا تمتلك مكانة مالية متناسبة مع طبيعة المشروعات المنويّ تنفيذها، خاصة أن الشركة التي يساهم فيها الجيش بنسبة 51% لا تهتم إلا بالتزام الشركات سدادَ المبالغ الخاصة بثمن الأراضي فقط دون النظر في اعتبارات أخرى، علماً بأن المنافسة بين الشركات دفعت بعضها إلى إتاحة فرص للسداد على مدى 10 سنوات، على أن يكون التسليم ما بين عامين وأربعة، وهو ما يعني تحمل الشركات أعباء التنفيذ مقابل نحو 50% فقط من ثمن الوحدات.
والآن، تبدو شركة العاصمة الإدارية في مأزق حقيقي بين توجهات الرئيس التي تطالب بسرعة العمل والإنجاز، وضغوط التمويل، في ظل مساهمة الجيش بالأرض و«هيئة المجتمعات العمرانية بالمباني»، أملاً في جمع أموالها من المواطنين، ولذلك يبدو أن مخططات عبد الفتاح السيسي في المشروع الجديد لن تسير كما يرغب.