جدّدت مواجهات منطقة كيلو 16 جنوب شرقي مدينة الحديدة الأجواء التي سادت إبان معركة المطار قبل أسابيع. النتيجة كذلك أتت مشابهة حتى ليل أمس. خسائر كبيرة في صفوف القوات المهاجِمة الموالية للإمارات، بعد هجومين كبيرين رمت القوات الإماراتية فيهما بثقلها، وكانت النتيجة عدم التمكن من السيطرة على كيلو 16 أو قطع طريق الحديدة - صنعاء الواقع في المنطقة المذكورة. وكانت القوات المهاجِمة تمكّنت من التقدم في مواقع قريبة ضمن منطقة كيلو 16 وجوارها، ما حوّل المواجهات إلى اشتباك يُعدّ من بين الأعنف في الجبهات اليمنية. إذ اعتمدت القوات اليمنية المشتركة في صدّها للهجوم على الالتحام المباشر، وقتال بدا أقرب إلى حرب شوارع في بعض النقاط، إضافة إلى الكمائن والألغام، خلاف المواجهات السابقة التي استُخدم فيها سلاح ضد الدروع بشكل رئيسي. وأسفرت مواجهات الساعات الأخيرة عن خسائر في صفوف القوات المهاجمة، سواء في الآليات العسكرية أو الأفراد.هذا الواقع الميداني لم ينعكس اعترافاً في إعلام التحالف السعودي الإماراتي، الذي ظلّ مصراً على تمكّنه من احتلال كيلو 16، معيداً تجربة الأنباء غير الموثقة عن معركة المطار، والتي سرعان ما تكذّبها المشاهد الحية. وقالت وسائل إعلام سعودية وإماراتية، أمس، إن قوات «التحالف» وحلفاءها سيطرت على جامعة الحديدة، فيما تراجعت الأنباء عن السيطرة على كيلو 16 (أعلنت السيطرة على المنطقة الأربعاء الماضي) إلى القول إن المنطقة تحت حصار وساقطة نارياً ومصيرها محسوم. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر عسكري موالٍ لـ«التحالف» قوله إنه تم «إغلاق المدخل الرئيس لمدينة الحديدة باتجاه صنعاء، بعد سيطرة القوات المدعومة من الإمارات على الطريق».
نفت مصادر «الأخبار» الأنباء عن سقوط جامعة الحديدة


مصدر مطلع أكد، أمس، لـ«الأخبار»، أن الهجمات التي شنّتها القوات الإماراتية وميليشياتها، يومَي الأربعاء والخميس، انتهت جميعها إلى تراجع وخسائر كبيرة، وأُجبر المهاجِمون على الابتعاد مسافة ثلاثة كيلومترات عن المنطقة. ونفى المصدر الأنباء في شأن سقوط جامعة الحديدة، مؤكداً أن الجامعة ومنطقتها لا تزال تحت سيطرة القوات اليمنية وهي بعيدة عن منطقة الاشتباكات. وأفاد المصدر بأن القوات اليمنية المشتركة استعادت زمام المبادرة، وتقوم بهجمات مضادة على القوات المهاجِمة في أكثر من نقطة. إلا أن المصدر توقّع تجدد المواجهات في الساعات القريبة، في ظلّ استمرار الاستعدادات والتحشيد العسكري للقوات الإماراتية في منطقة الدريهمي.
سياسياً، استأنف المبعوث الدولي إلى اليمن، مارتن غريفيث، اتصالاته مع الأطراف، بعدما آلت مشاورات جنيف إلى الفشل. والتقى غريفيث، أمس، وفد حكومة الإنقاذ اليمنية في العاصمة العمانية مسقط. ونقلت وكالة «سبأ» اليمنية الرسمية أن غريفيث، ونائبه معين شريم، التقيا رئيس وفد صنعاء التفاوضي محمد عبد السلام، وعضو الوفد عبد الملك العجري، حيث ناقش الطرفان الأسباب التي حالت دون تمكّن وفد صنعاء من الذهاب إلى جنيف للمشاركة في مشاورات الأمم المتحدة. وقال غريفيث، من جهته، إنه ناقش مع وفد صنعاء «سبل مشاركتهم في المشاورات المقبلة، والتحضيرات لزيارته إلى العاصمة اليمنية صنعاء». وأشار غريفيث إلى أنه التقى وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى جانب كبار المسؤولين في الحكومة العمانية. وكان غريفيث أعلن، في وقت سابق، تأجيل المشاورات إلى أجل غير مسمى، بعدما فشل في تقديم ضمانات من الرياض لوفد صنعاء تتعلّق بعودة الوفد وأمن الطائرة التي سيغادر على متنها.
في غضون ذلك، حذرت الأمم المتحدة، أمس، من أن «الوضع تدهور بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية في محافظة الحديدة» مشيرة إلى أن «مئات الآلاف من المدنيين يشعرون بالرعب جراء القصف». وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، في بيان، إن «سكان الحديدة يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، وأكثر من 25 في المئة من الأطفال في المحافظة يعانون من سوء التغذية»، مضيفة أن «هناك 900 ألف شخص في المحافظة يائسون من الحصول على الغذاء، في حين تعيش 90 ألف امرأة حامل في خطر كبير بسبب الوضع». وأشار البيان إلى أن «العائلات في الحديدة تحتاج إلى كل شيء، كالطعام والنقود والرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والإمدادات الطارئة والدعم المتخصص، في حين أن الكثيرين بحاجة إلى مأوى».