على رغم حساسية القرار التركي بإدراج اسم «هيئة تحرير الشام» على قائمة «التنظيمات الإرهابية»، لم يشهد اليومان الماضيان ما يشير إلى وجود توتر مستجدّ بين أنقرة و«تحرير الشام»، سبّبه هذا التصنيف، إذ بقيت القوافل العسكرية التركية تعبر الحدود نحو نقاط المراقبة مروراً بعدد كبير من معاقل «تحرير الشام» في ريف إدلب، من دون أي معوقات. وعلى العكس، أفادت أوساط معارضة بأن الجمعة ـــ يوم الكشف عن القرار التركي ـــ شهد اجتماعاً بين ممثلين عن الحكومة التركية ومسؤولين في الهيئة لنقاش المساعي الهادفة إلى حلّ الأخيرة وإدماج عناصرها في نسيج الفصائل المحسوبة على أنقرة مباشرة. لكن الاجتماع، وفق ما نقلته تلك الأوساط، لم يصل إلى نتيجة مختلفة عمّا سبقه من لقاءات، رفضت خلالها «تحرير الشام» العرض التركي. وفي انتظار ما ستفضي إليه المساعي التركية في هذا الشأن، بعدما باتت مدعومة بخيار الضغط من باب التصنيف «الإرهابي»، تشهد جبهات ريفي حماة واللاذقية الشماليين توتراً متصاعداً، بين الجيش السوري والجماعات المسلحة، تُرجم عبر استهدافات مدفعية متبادلة بين الطرفين. كذلك، لم تتوقف تعزيزات الجيش الواردة إلى خطوط التماس في محيط منطقة «خفض التصعيد» بالتوازي مع تأكيد دمشق أن المعركة في إدلب لن تتأثر بأي نوع من التهديدات، ومن بينها الأميركية. الحديث الرسمي الأخير في هذا السياق صدر عن وزير الخارجية وليد المعلم، من موسكو، إذ أكد أن بلاده لا تتطلع إلى مواجهة مع تركيا، ولكن «على الأتراك أن يدركوا أن محافظة إدلب وغيرها أراضٍ سورية تخضع للسيادة السورية». كما أشار إلى أن «ما تروّج له الولايات المتحدة» لن يؤثر في خطط الجيش لتحرير إدلب والقضاء على الإرهابيين في سوريا. والطرح نفسه أكده الموفد السوري إلى اجتماع «اللجنة الرباعية» الأمنية في بغداد أول من أمس، الذي حضره مساعدو رؤساء الأركان في سوريا والعراق وروسيا وإيران.
نشرت «كوميرسانت» وثيقة أممية تشترط «الانتقال السياسي» لدعم «إعادة الإعمار»


في المقابل، يجري الممثل الأميركي الخاص في شأن سوريا، جايمس جيفري، زيارة هي الأولى بعد توليه هذا المنصب إلى كل من إسرائيل والأردن وتركيا، تمتد حتى الرابع من الشهر الجاري. ولم يخرج عن جيفري ـــ حتى وقت متأخر من أمس ـــ أي تصريحات خلال هذه الجولة. وبالتوازي مع التصويب الأميركي المتنامي على «الوجود الإيراني» العسكري في سوريا، أكد المعلم، في أكثر من مقابلة خلال زيارته الأخيرة لروسيا، أن بلاده تتجه إلى تعزيز العلاقات مع طهران في عدد من المجالات. وفي هذا السياق، نقلت وكالة «تاس» الروسية عن مصدر سوري لم تسمّه قوله إن الاتفاقية الأخيرة التي جرى توقيعها في دمشق، بين وزارتي الدفاع السورية والإيرانية، تتضمن صفقة لتوريد منظومة دفاع جوي من طراز «بافار 373» وطائرات حربية إيرانية، إلى سوريا.
على صعيد آخر، وبعد أكثر من شهر على حديث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن وجود تعليمات ـــ بضغوط غربية ـــ إلى منظمات الأمم المتحدة بتجنّب التعاون في ملفّي عودة اللاجئين وإعادة الإعمار في سوريا، مع الحكومة السورية والدول الفعالة في هذا السياق، نشرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية وثيقة مسرّبة من المراسلات الداخلية للأمم المتحدة (يعود تاريخها إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2017)، تتضمن توجيهاً بالتمنّع عن المساعدة في طروحات عودة اللاجئين إلى سوريا، وأن الأمم المتحدة ومنظماتها لن تدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا من دون حدوث «انتقال سياسي حقيقي وشامل». وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن مصادرها، أن مُعدّ هذه الوثيقة التي تحدد سياسة الأمم تجاه التعامل مع الملف السوري هو الديبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان الذي شغل منصب نائب الأمين العام للشؤون السياسية حتى الأشهر الأولى من العام الجاري.