بغداد | موقف جديد، بسقف أكثر ارتفاعاً، أطلقته المرجعية الدينية (آية الله علي السيستاني)، أمس، إزاء المطالب الشعبية المنددة بالواقع المعيشي السيّئ، والفساد المستشري في مؤسسات الدولة وأجهزتها، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة، وعجز الحكومات الاتحادية المتعاقبة عن خلق فرص عمل لعشرات الآلاف من الباحثين عنها. من مدينة كربلاء، وخلال خطبة الجمعة، حذرت «المرجعية» الطبقة السياسية من استمرار التظاهرات، مُجدِّدةً دعمها مطالب المتظاهرين في المحافظات الوسطى والجنوبية، التي هي «حقوق تؤخذ ولا تعطى»، مُشدِّدةً على أن «الغضب في طلب الحقوق مع الانضباط أمر ممدوح وغير مذموم»، ما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن «المرجعية» منحت المتظاهرين غطاءً متجدداً من الشرعية للاستمرار في احتجاجاتهم، شرط التزام الإطار السلمي. موقف «المرجعية» جاء على لسان ممثلها أحمد الصافي، الذي لفت إلى وجود «آثار إيجابية للغضب»، كـ«حفظ الأعراض والمقدسات، ومنع تدنيسها»، مضيفاً أن «الغضب لا بد أن يكون له لسان، ويعبّر عن مطلبه بشكل إيجابي». وما إن انتهى الصافي من إعلان موقف «المرجعية»، حتى انطلقت في كربلاء تظاهرة كبيرة تطالب بتحسين الواقع الخدمي، بالتوازي مع أخرى في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، حيث سلّم المحتجون مجمل مطالبهم لنائب قائد عمليات بغداد، اللواء الركن محمد صبري، بغية تسليمها لرئاسة الوزراء.
تنتظر وزير الكهرباء قاسم الفهداوي عقوبة الحبس أو الطرد

وفي تعليقه على موقفها الأخير، يرى الباحث عصام الفيلي في «تحذير المرجعية الطبقةَ السياسية من استمرار التظاهرات، وتنويهها بالغضب»، محاولة «لدفع المتظاهرين إلى عدم الخوف من السلطات»، مضيفاً في حديثه إلى «الأخبار» أن «انتزاع الحقوق رسالة إلى المتظاهرين بالاستمرار في التظاهرات، من خلال الضغط على الحكومة الاتحادية، وكذلك الحكومات المحلية، بالتحرك عاجلاً لتلبية المطالب المحقة، وهي رسالة ــ في الوقت عينه ــ إلى البرلمان والحكومة المقبلين، بأن العراقيين قادرون على أخذ حقوقهم، وعليكم توفير ما عجز عنه أسلافكم». وتابع الفيلي قائلاً إنّ «العراق بحاجة إلى إعادة النظر بنظامه السياسي بشكل كامل، والقضاء على ملفات الفساد المرتبطة بالخارج من طريق الأحزاب المشاركة بالسلطة»، لافتاً إلى أن «الفقرة 55 في الدستور العراقي بحاجة إلى تفعيل» (تدعو المادة إلى انتخاب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، وبالانتخاب السري المباشر).
وحتى ساعة متأخرة من مساء أمس، لم يصدر أي حزب أو كتلة بياناً يؤيد أو يردّ على حديث المرجعية، بل ركن أغلبها إلى الصمت. وكانت تلك القوى قد سارعت، الأسبوع الماضي، إلى تقديم «فروض الطاعة» (مبادرتان للحل قدمهما كل من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، والأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري)، إلا أن العبادي كان الأبرز في خطوة «سحب يد» وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، بحيث حاول رئيس الوزراء المنتهية ولايته التشديد على التزام توجيهات «المرجعية»، في وقت أشارت فيه مصادر قضائية متابعة لقضية لفهداوي إلى أن «الرجل تنتظره عقوبة الحبس أو الطرد»، مبينة أن «إجراء سحب اليد انضباطي، ووفق قانون انضباط موظفي الدولة، وسينتهي خلال 90 يوماً إذا ما ثبت تقصير الوزير، وهو مختص بعدم المباشرة، أي أشبه بتجميد توقيعه وأمره إلى ما هو دون من موظفي الوزارة». وقالت المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «التحقيق مع وزير الكهرباء المسحوب اليد قاسم الفهداوي، تقوم به لجان انضباطية، تحقق حسب نوع الاتهام، وضمن قانون العقوبات العراقي»، مضيفةً أن «هذه اللجان لن تجد ما يثير الاهتمام، لأن المسؤوليين العراقيين لم يتركوا أوراقاً ثبوتية تدين تصرفاتهم، فضلاً عن أن سياسة وزارة الكهرباء لم تعالج أياً من مشاكلها على مدى 15 عاماً، وفي عهد أكثر من وزير (حتى ضمن الحكومة الواحدة)».
انتخابياً، أعلن الناطق الرسمي باسم «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، ليث جبر حمزة، انتهاء عمليات إعادة العد والفرز للمراكز والمحطات الانتخابية المطعون فيها في محافظة الديوانية. وقال إن «مجلس المفوضين، من القضاة المنتدبين والقاضي المنتدب لمحافظة الديوانية، أشرف على عمليات العدّ والفرز للمراكز والمحطات التي وردت فيها شكاوى وطعون في المحافظة المذكورة آنفاً، وبمساهمة كبيرة من موظفي المفوضية لمكتبَي محافظتَي بابل وكربلاء، فضلاً عن موظفي مكتب الديوانية الانتخابي»، مشيراً إلى أن «مجلس المفوضين مستمر بالإشراف المباشر على عمليات العدّ والفرز لاستكمال المراكز والمحطات التي وردت بشأنها شكاوى وطعون في محافظة بغداد/ الكرخ، والتي سينتهي العمل فيها اليوم السبت في معرض بغداد الدولي، بحضور وكلاء الأحزاب السياسية، والمراقبين الدوليين والمحليين».