تعبث السعودية بالملاحة الدولية عبر مضيق باب المندب بإعلانها، أمس، تعليق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر المضيق الاستراتيجي. خطوة تتجاهل الخصوصية الجيوسياسية، لتحمل رسائل استنجاد واضحة إلى الولايات المتحدة، بأن على واشنطن التدخّل المباشر في الحرب في اليمن فوراً، وإلا فلن تكون الملاحة الدولية في مأمن.وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح، أعلن مساء أمس أن «المملكة ستعلّق جميع شحنات النفط الخام التي تمرّ عبر مضيق باب المندب، وذلك بشكلٍ فوري ومؤقت». وقال إن هذا الإجراء «سيستمر إلى أن تصبح الملاحة خلال المضيق آمنة»، مشيراً إلى أن «تهديدات الميليشيات الحوثية الإرهابية لناقلات النفط الخام، تؤثر بحرية التجارة العالمية والملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر».
القرار السعودي بدا مكشوفاً أمس، باتهام حركة «أنصار الله» باستهداف ناقلتي نفط تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، تحمل كلٌّ منهما مليوني برميل من النفط الخام، الأمر الذي نفته «أنصار الله» التي لا تتأنى في إعلان العمليات العسكرية التي تضعها «في سياق حق الرد المشروع في الدفاع عن النفس وعن العرض والأرض»، إذ نفى مدير التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع، التابعة لحكومة «الإنقاذ» في صنعاء، العميد يحيى سريع، صحة مزاعم «التحالف»، لافتاً الانتباه إلى أن «القوات البحرية سبق أن حذرت السفن المدنية من الاقتراب من البارجات العسكرية المعادية التابعة لدول العدوان»، وطمأن «المجتمع الدولي إلى أن الممر الملاحي في البحر الأحمر وخطوط التجارة الملاحية العالمية آمنة»، متهماً «دول العدوان بالعمل على تهديد خطوط الملاحة الدولية بهدف ابتزاز العالم»، وشدّد على أن «ليس هناك أي تهديدات من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية أو القوات البحرية اليمنية».
تخشى السعودية الغرق أكثر وحيدة في اليمن، بعد ثلاث سنوات وأربعة أشهر من العمليات العبثية، في ظل اتصالات المبعوث الأممي مارتين غريفيث التي تبدو أكثر جدية من سابقاتها. تلمس الرياض أن مسار الحل المراد دولياً من قبل الأمم المتحدة يقبل بـ«أنصار الله»، من خلال تجزئة الحل إلى حل شامل وحل في الحديدة، يقبل فيه الثاني وجود «أنصار الله» مرحلياً في صنعاء، حتى وضع سكة للحل الشامل. يدعو غريفيث إلى حل يأخذ بالاعتبار أن الوضع على الأرض لا يفترض إبعاد «أنصار الله»، وهو عبّر في جلسات مغلقة عن عدم ثقة العالم بقدرة قوات الجنوب على ضمان أمن الحديدة، وهم عاجزون عن إدارة الوضع الأمني في عدن.
مسار الحل الذي تؤكد الرياض رفضه من خلال حكومة عبد ربه منصور هادي، يزاحمه تصاعد الانتقادات في الغرب للحرب السعودية في اليمن، ما قد يقود إلى تخلي الغرب عن «التفويض» بشن حرب مفتوحة. وكل المعلومات التي تصل إلى المفاوضين، بمن فيهم السعودية، تقود إلى أن الجميع «تعب» من الحرب ويريد حلاً سياسياً، حتى إن الإمارات، أبرز حلفاء السعودية، صارت تدعم فكرة توقف الحرب على قاعدة تثبيت انفصال الجنوب عن الشمال ووضع اليد عليه.
الجميع يراقب اليوم نتائج القرار السعودي على أسعار النفط عالمياً... وبالتالي ردود فعل الغرب على الخطوة.