غزة | رغم أن المياه تجري من تحت السلطة الفلسطينية أو أمام أعينها، بشأن الوساطات المتتالية إقليمياً ودولياً في غزة، فإنها لا تزال ترفض تغيير موقفها وشراء موقف من حركة «حماس»، أو عموم الغزيين المتضررين من العقوبات والإجراءات التي اتخذتها بحقهم منذ شهور. لكن الجديد، كما تقول مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، هو تكثيف رئاسة السلطة التواصل مع المصريين، وخاصة بعد ورود تهديدات من الإدارة الأميركية وأطراف دولية أخرى إلى رام الله ـــ عبر القطريين ـــ بتجاوز السلطة في ما خص غزة قريباً.تشرح المصادر أن رسالة شديدة اللهجة نقلها مستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر، إلى رئيس السلطة، محمود عباس، عبر السفير القطري في الأراضي الفلسطينية، محمد العمادي، مبلغاً إياه ضرورة إنهاء الخطوات العقابية ضد غزة «لأنها قد تفضي بالقطاع إلى مواجهة عسكرية» مع العدو الإسرائيلي. هذه الرسالة، تضيف المصادر نفسها، قوبلت برفض عباس، وهو ما دفع كوشنر إلى إرسال رسالة أخرى بأن عباس، الذي رفض استقباله، «هو أمام خيار واحد لا ثاني له: إما رفع العقوبات وتحسين الواقع في غزة، وإما سير الإدارة الأميركية في خطوات أحادية في غزة بمشاركة دولية وعربية».
تغيّر مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية بعد تثبيت كامل رئيساً


وبينما لم تكتف واشنطن بـ«رسائل العمادي»، نقل منسق الأمم المتحدة الخاص لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، المضمون نفسه إلى عباس خلال اللقاء بينهما الأحد الماضي في رام الله، الأمر الذي جعل «أبو مازن» يعد بدراسة الطلب الأميركي، واعداً إياه بتفعيل ملف المصالحة قريباً. أما ملادينوف، فعرض على عباس جزءاً من المشاريع الدولية المقترحة لتحسين الوضع في غزة، داعياً السلطة إلى أن تكون شريكة في ذلك. في الإطار نفسه، وصل ملادينوف مساء أول من أمس، إلى العاصمة المصرية القاهرة، علماً بأن زيارته تتزامن مع بدء القاهرة دعوة وفود الفصائل للتباحث في ملف المصالحة. واللافت أن الحديث عن العودة إلى إنهاء الانقسام جاء بطلب فتحاوي بعد لقاء مسؤول ملف المصالحة في «فتح»، عزام الأحمد، مع قيادة جهاز «المخابرات العامة» المصرية مطلع الأسبوع الجاري. كذلك يترافق هذا الحراك مع تغييرات حديثة طرأت على «المخابرات» المصرية في ما يتعلق بإدارة الملف الفلسطيني، وذلك بعد تثبيت عباس كامل رئيساً للجهاز، وخاصة أنه كان يديره بتكليف من الرئاسة المصرية منذ عدة أشهر. وشملت التغييرات تعيين شخصية جديدة لقيادة الملف الفلسطيني هي اللواء أحمد عبد الخالق، بديلاً من اللواء سامح نبيل.
ووفق مصادر، باشر عبد الخالق بعد أيام من تسلمه منصبه الاتصال بقيادتي «حماس» و«فتح» ودعاهم إلى القاهرة للتشاور، فيما أبلغ المصريون «حماس» رغبة عباس في تفعيل المصالحة و«خاصة أنه تجاوز حادثة محاولة اغتيال (رئيس الوزراء الفلسطيني رامي) الحمدالله... ولديه قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي دعت للعودة إلى المصالحة». وكان من المقرر أن يزور وفد رفيع من قيادة «حماس» القاهرة أول من أمس، لكن الزيارة أُرجئت بعدما أبلغت الحركة المصريين أنها بحاجة إلى وقت لترتيب بعض الملفات.
في غضون ذلك، كشف عضو المكتب السياسي للحركة محمود الزهار، أن الوساطات والمبادرات التي تقدمت بها أطراف عدة أخيراً لحل الأزمة الإنسانية في غزة والوصول إلى صفقة تبادل أسرى، توزعت «بين أطراف تبحث عن حلول إنسانية للقطاع، وأخرى تبحث صفقة التبادل، وأطراف تريد من حماس الصمت عما يجري من ترتيبات في المنطقة، مقابل إغراءات مادية تدور حول التخفيف من الحصار»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «الوساطات جاءت استجابة لنداءات إسرائيلية لإنهاء مسيرات العودة». وقال الزهار في تصريحات صحافية، أمس، إن «الاحتلال يريد التخفيف عن غزة ليس حباً بها، وإنما نتيجة لما أحدثته مسيرات العودة من صدى موجع له ونتيجة لتدهور الأوضاع التي تنذر بالانفجار في وجهه، وهو أمر يخشاه الاحتلال، لذا يرسل العديد من الشخصيات العربية والأجنبية لطرح صفقات سياسية».
إلى ذلك، نقلت وكالة «الأناضول» أن محمود عباس دخل المستشفى الاستشاري في رام الله، وسط الضفة المحتلة، أمس، لإجراء فحوص روتينية، وغادره بعد انتهائها وتبين أن «صحته جيدة»، فيما نفت الرئاسة الفلسطينية ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية حول نقله بصورة عاجلة إلى المستشفى وأن حالته «خطيرة».