تابع المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، أمس، لقاءاته في صنعاء من دون أن يتضح مسار الجهود التي يبذلها في شأن مدينة الحديدة ومينائها. لكن كثافة تلك اللقاءات، وإحاطتها بالسرية من قبل «أنصار الله»، ربما تنبئان بأن ثمة في هذه الجولة شيئاً مختلفاً. ومع ذلك، يصعب التنبؤ بنتيجة سريعة يمكن أن يصل إليها غريفيث في ظل استمرار العمليات العسكرية على غير جبهة، ومواصلة طيران «التحالف» استهداف الأراضي اليمنية مُزهِقاً أرواح المزيد من المدنيين. وأغارت مقاتلات «التحالف»، أمس، على حفل زفاف في منطقة غافرة في مديرية الظاهر في محافظة صعدة، ما أدى إلى مقتل 11 شخصاً معظمهم نساء وأطفال، وجرح 11 آخرين. ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية التابعة لحكومة الإنقاذ عن مصدر أمني في صعدة قوله إن استمرار تحليق طيران العدوان في سماء المنطقة أعاق عملية الإسعاف وانتشال الضحايا. وجاء ارتكاب هذه المجزرة بعد ساعات فقط على مقتل 3 مدنيين وجرح 9 آخرين بضربة جوية استهدفت مدرسة في مديرية زبيد جنوب محافظة الحديدة، وكذلك مقتل 3 عمال وإصابة اثنين آخرَين بجروح بغارة لطائرة من دون طيار تابعة لـ«التحالف» على إحدى المزارع في مديرية حيران في محافظة حجة.وترافق استمرار الغارات الجوية مع محاولات تقدم للقوات الموالية لـ«التحالف» من عدة محاور في جبهة حيفان بمحافظة تعز. وأوضح مصدر عسكري، لوكالة «سبأ» (صنعاء)، أن تلك المحاولات استهدفت مناطق النجدين ووادي الضباب والهجمة وبني علي والمفاليس وتبة سعيد والخزان والقبة، مؤكداً التصدي لها جميعاً، وتكبيد المهاجِمين «عشرات القتلى والجرحى بينهم قيادي». وفي جبهة نهم، تصدّت القوات اليمنية المشتركة لمحاولات تقدم مماثلة باتجاه الرباح الغربي وتبة جعفر والصوامد شرق العاصمة صنعاء. وأفاد مصدر عسكري في الجيش واللجان بأن المهاجِمين «فشلوا في تحقيق أي تقدم يُذكر على الأرض، وانتهت محاولتهم بسقوط قتلى وجرحى في صفوفهم». بالتوازي مع ذلك، نفذ مقاتلو الجيش واللجان «عملية نوعية» ضد أحد مواقع القوات الموالية للسعودية في التبة الرملية بصحراء الأجاشر قبالة نجران. وصاحب هجومَ الأجاشر إطلاق صاروخ باليستي من طراز «بدر 1» على مدينة الملك فيصل العسكرية في خميس مشيط بمنطقة عسير. أما في جبهة الساحل الغربي، فلم تُسجَّل تحركات للقوات الموالية لـ«التحالف» عند خطوط التماس مع الجيش واللجان، لكن القوة الصاروخية في القوات المشتركة أعلنت، أمس، «استهداف تجمعات للغزاة والمرتزقة بصاروخ باليستي قصير المدى»، مؤكدة أن الصاروخ «حقق إصابات مباشرة في صفوفهم». هدوء جبهة الساحل قابله تراجع ملحوظ في تهديدات القيادات الناطقة باسم «التحالف»، خصوصاً الجناح الإماراتي منه، الذي لم يبدر منه منذ التصريحات الأخيرة لوزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أي تعليق على المحادثات التي يجريها غريفيث في صنعاء. صمتٌ قد يُستشفّ منه مؤشر إيجابي في شأن ما ستؤول إليه تلك المحادثات، التي يغلب عليها طابعا الكثافة والسرية، وهو ما قد يجعلها أكثر جدية مما سبقها. ولم يتمّ الإعلان في العاصمة اليمنية، حتى مساء أمس، سوى عن لقاء جمع المبعوث الأممي بوكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية نبيل أحمد الغولي، ومن ثم آخر برئيس «المجلس السياسي الأعلى» مهدي المشاط، لكن مصادر مطلعة أفادت، في حديث إلى «الأخبار»، بأن غريفيث يجري منذ مساء الاثنين اجتماعات ماراثونية مع أعضاء الوفد الوطني المفاوِض وقيادات في «أنصار الله»، مضيفة أنه أعقب اللقاء الأول بين الجانبين لقاء تشاوري آخر اقتصر على أعضاء الوفد وممثلين عن «أنصار الله». وفيما تحاول الوسائل الإعلامية الموالية لحكومة الرياض الإيحاء بأن المبعوث الأممي يحمل إلى صنعاء إنذاراً بضرورة الخروج من الحديدة تحت طائلة عملية عسكرية جديدة، تنبئ المؤشرات الصادرة من العاصمة اليمنية إلى الآن بخلاف ذلك. إيجابية ربما يعزز الحديث عنها تحمس السويد لاستضافة جولة تفاوضية جديدة، جددت أمس على لسان سفيرها في الأمم المتحدة، رئيس مجلس الأمن الدولي، أولوف سكوغ، إبداء استعدادها لها.