القاهرة | على رغم يقين النظام المصري وأجهزة الأمن المختلفة بأنّ لا تحركات شعبية محتملة على خلفية قرارات زيادة الأسعار الأخيرة، فإنّ وسم (هاشتاغ) «#ارحل_يا_سيسي» الذي أُطلِق عبر «تويتر» وبات يتصدر النسبة الأعلى في مصر منذ 5 أيام، أصبح بمثابة الشبح الذي يحيط بنظام الحكم بصورة كبيرة، خصوصاً أنّه يتزامن مع اقتراب ذكرى تحركات «30 يونيو» التي أدت عام 2013 إلى عزل الرئيس محمد مرسي و«الإخوان» عن الحكم، وأوصلت السيسي في وقت لاحق إلى الرئاسة.الخوف من هذا الوسم لا يمكن ربطه إلا بالخوف من التحركات الافتراضية التي كانت قد دعت إليها صفحة «كلنا خالد سعيد» على «فايسبوك» عام 2011 وكانت سبباً في إشعال «ثورة يناير» ضد نظام مبارك، ونجحت في إسقاطه. خوفٌ عملت أجهزة الأمن المختلفة على تجاوزه بمحاولات التجاهل في البداية، لكن مع تصاعد الحملة والتأكد من أنّ غالبية التدوينات هي لشباب غاضب بالفعل من سياسات السيسي، فقد بدأت اللجان الإلكترونية الخاصة بالنظام بتبني حملة للدفاع عن الرئيس المصري تحت عنوان «#السيسي_مش_هيرحل»، وهو الوسم الذي استخدمته وسائل إعلام محسوبة على النظام في الترويج لأخبارها على «تويتر» من أجل زيادة التفاعل. لكن بحسب الإحصاءات التي يُظهرها «تويتر»، فإنّ وسم الرحيل شاركت فيه أكثر من 350 ألف تدوينة في مقابل 56 ألفاً فقط لداعمي السيسي، أبرزها آتية من منصات إعلامية.
بحسب الإحصاءات، فإنّ وسم الرحيل شارك فيه أكثر من 350 ألفاً


استخدمت الدولة كل أجهزتها الإعلامية للدفاع عن شرعية الرئيس الذي بدأ ولايته الثانية بداية الشهر الجاري لمدة 4 سنوات، في حدث ليس موجهاً ضد الوسم فحسب، ولكن للتعامل مع تصاعد حالة الغضب المكتومة في الشارع والتي تخشى الدولة من انفجارها «في أي لحظة» وفي شكل لا تستطيع السيطرة عليه، خصوصاً مع خروج حالة الغضب من القاهرة وامتدادها إلى بقية المحافظات (لم تعلن الدولة عن أي برامج جديدة لحماية محدودي الدخل بعدما طاولت زيادات الأسعار السلع الرئيسية للمواطنين نتيجة تحريك أسعار الوقود الأسبوع الماضي).
تعليمات أمنية صدرت لوسائل الإعلام بضرورة العودة «للحديث عن المواجهات التي وقعت إبان حكم الإخوان والتركيز (على ما يصفه النظام) بالجرائم التي ارتكبوها خلال العام الذي وصلوا فيه للحكم والتذكير بأن السيسي هو الذي أنقذ الشعب المصري من تحوّل مصر لتكون دولة دينية لا مكان فيها لغير المنتمين إلى الجماعة». وهذه خطوة اعتادت وسائل الإعلام اللعب عليها في الفترات السابقة في محاولاتها لتهدئة غضب الشارع، وسط تكرار التحذيرات من أن يكون لمصر مستقبل شبيه بما جرى في العراق وسوريا.
على رغم أنّ القلق في التعامل مع الوسم الداعي إلى رحيل السيسي مبالغ فيه في شكل كبير، خصوصاً أنّ رد الفعل على قرارات تحريك الأسعار اقتصر حتى الساعة على أحاديث حاول من خلالها المواطنون التعبير عن غضبهم إزاء «ضيق اليد»، فإنّ السلطات لا تزال غير قادرة حتى على قبول النقد بالكلام. هذا الرفض امتد نحو إحكام السيطرة على أي اعتراضات إعلامية من الداخل ونحو طلب «دعم الدولة» في شكل مباشر من قبل وسائل الإعلام الخاصة وسط التهديد بتوقيع أقصى العقوبات وتوجيه حملات للمقاطعة الإعلانية في حال مخالفة «سياسات الدولة» خلال الأيام المقبلة.
على صعيد آخر، وافق مجلس النواب المصري أمس، على تمديد حالة الطوارئ في البلاد ثلاثة أشهر، تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية. ووفقاً لقرار البرلمان، يبدأ التمديد لهذا الإجراء الاستثنائي اعتباراً من 14 تموز المقبل.
وكانت حالة الطوارئ فرضت في تشرين الأول 2014، لكنها اقتصرت في البداية على محافظة شمال سيناء حيث يتركز الفرع المصري لتنظيم «داعش» (ولاية سيناء) المسؤول عن شن عدد كبير من الاعتداءات الدامية في البلاد. إلا أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي فرض حالة الطوارئ على مستوى البلاد بعد اعتداءين على كنيستين في طنطا والاسكندرية في نيسان 2017، أسفرا عن سقوط 45 قتيلاً. ويُوسّع قانون الطوارئ في شكل كبير صلاحيات الشرطة في التوقيف والمراقبة ويمكن أن يسمح بفرض قيود على حرية التحرك.
وفي سياق الجلسة، عبّر نائب رئيس «ائتلاف دعم مصر» النائب طاهر أبو زيد، عن «كل التقدير والإجلال للقوات المسلحة والشرطة ولمجلس النواب على إحساسه بما يمرّ به الوطن، وبالتالي الموافقة الجماعية على تمديد حالة الطوارئ». وبدوره تحدث رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي البرلمانية النائب كمال عامر، عن «الموطن الشريف»، قائلاً إنّ «حالة الطوارئ لا تؤثر إطلاقاً على المواطن الشريف، وإنّما تستهدف الحفاظ على أمن الوطن واستقراره».