خمس سنوات على انتصار الثورة التونسية، وإطاحة نظام زين العابدين بن علي. خمس سنوات و«هرمنا لأجل هذه اللحظة التاريخية»، لا تزال تتردد بين التونسيين، الذين أسقطوا النظام «القمعي» السابق، توقاً إلى صفحة جديدة من صفحات الحرية. ولكن، وبعد مرور أكثر من 1800 يوم على انتصار الثورة، لم تنجح الحكومات المتعاقبة، حتى الآن، في التغلب على الصعوبات التي تواجهها، سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
على المستوى السياسي، تعرض الحزب الحاكم، وأكبر أحزاب البلاد، «نداء تونس»، منذ شهرين، لحالة انقسام حادة بين فريقين. الأول، يدعم الأمين العام، المستقيل، محسن مرزوق. فيما الثاني، يساند حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، المتهم بمحاولة توريث ابنه.
وفي السياق، نفى السبسي، في كلمة ألقاها على هامش موكب الاحتفال، بالذكرى الخامسة لـ«عيد الثورة والشباب»، الاتهامات الموجّهة إليه، مؤكّداً أنه «لا وريث له وأنّه لا توريث لبورقيبة ولا للباجي قائد السبسي أو لغيره». وأضاف «أن القانون يحجر عليه أي منصب في أي حزب»، مشيراً الى أن ذلك «لا يحجر عليه التدخل للقيام بدور وطني لحل الإشكال».
الأزمة السياسية، أسفرت أيضاً عن استقالة أكثر من 21 نائباً برلمانياً من تكتّل «نداء تونس»، وقد يتجاوز عددهم الثلاثين في الأيام المقبلة. وستؤدي هذه الاستقالات إلى تقلّص عدد مقاعد «النداء» في البرلمان من 89 إلى 68. وبذلك تصبح حركة «النهضة»، الحزب السياسي الأكبر، لجهة عدد المقاعد. كذلك، أجرى رئيس الوزراء الحبيب الصيد تعديلاً وزارياً شمل 13 حقيبة وزارية، بموافقة البرلمان ومباركة «النهضة».
أما على الصعيد الأمني، فقد عانت تونس، على مدى عام 2015، من تفجيرات وهجمات مسلحة لمتشددين إسلاميين على متحف باردو، وفندق في منتجع سوسة الساحلي، وآخر على حافلة تابعة للحرس الرئاسي، في العاصمة تونس، وأسفرت جميعها عن عشرات القتلى والجرحى.
اقتصادياً، لا يزال 15% من التونسيين، وخصوصاً الشباب، يعانون من البطالة بعد مرور خمس سنوات على الثورة. كما تراجع عدد السياح الأجانب الوافدين إلى تونس بـ 31.5%، في 2015، مقارنة بـ2010.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنّ نسبة الدين الخارجي ارتفعت من 60.6%، من إجمالي الدخل الوطني في 2010، لتصل إلى 61.9% في 2015.
في غضون ذلك، رأى رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، أمس، «أن كسب الحرب على الإرهاب شرط أساسي لتحقيق التنمية ورفع التحديات، ولا سيما بعدما تجاوزت البلاد نهائياً مع التسلط والاستبداد». ودعا الصيد، في كلمة بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة التونسية، إلى «العمل من أجل تحقيق أهداف الثورة، وخصوصاً المتعلّق منها بتأمين مقومات العيش الكريم للشعب التونسي».
وحذّر الصيد من أن تونس تمر بظرف دقيق ومخاطر جمة «ولا خيار لنا سوى تدعيم أركان الوحدة الوطنية والحفاظ على مناخ السلم الاجتماعي وإعادة الاعتبار لقيم العمل والبذل والتفاني في خدمة الصالح العام باعتبار ذلك من صميم الوفاء للشهداء والبر بالوطن».
إلى ذلك، أعلنت رئاسة الجمهورية التونسية، في بيانٍ لها، عفواً عاماً، بأمر من السبسي، والإفراج عن 1178 سجيناً، من ضمنهم 885 محكوماً، عليهم بسبب استهلاك مادة مخدرة لأول مرة»، وذلك بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة التونسية. وهي المرة الأولى التي تعلن فيها الرئاسة عفواً خاصاً، لسجناء المخدرات، منذ فوز قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية، نهاية 2014.

(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)