تدير إسرائيل حرباً حول العالم على شرعية احتلالها وقتلها واستيطانها في فلسطين، في محاولة منها لكم الأفواه المعترضة على هذا الاحتلال، وعلى عمليات القتل اليومية بحق الفلسطينيين. آخر معارك هذه الحرب، التي بدأت قبل أسابيع، تهدف إلى وأد ومنع أي احتجاج دولي، حتى إن كان مقتصراً على إطلاق مواقف وتصريحات شاجبة لسياسة القتل، أو رافضة لسياسة الاستيطان.
ضمن هذا المنحى، أعلنت تل أبيب الحرب على وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت وولستروم، التي رفضت إعدام الفلسطينيين من دون محاكمة، فيما وضعت برازيليا بين خيارين: إما سفير إسرائيلي معتمد من المستوطنين، أو لا سفير إسرائيلي لدى برازيليا.
ويوم أمس، كشفت الصحف العبرية أن وزارة الخارجية الإسرائيلية استدعت السفير السويدي لدى تل أبيب، كي يستمع إلى «توبيخ» حول التصريحات الصادرة عن الوزيرة وولستروم، التي دعت هذا الأسبوع إلى التحقيق في ما إذا أعدمت إسرائيل الفلسطينيين بشكل غير قانوني، وضرورة العمل على محاكمة المسؤولين عن ذلك. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نحشون، قوله إن تصريحات وزيرة خارجية السويد «غير مسؤولة وداعمة للإرهاب وتشجع العنف».
أما البيان الصادر عن الوزارة، فأشار إلى أن «الاحتجاج الرسمي المعبر عنه أمام السفير السويدي، نقل غضب الحكومة والشعب في إسرائيل، على الاستعراض المشوه الصادر عن وولستروم وتعاملها المنحاز ضد إسرائيل، بل أيضاً المعادي لها».
وقال رئيس «قسم أوروبا» في الخارجية الإسرائيلية، أفيف شير أون، إنه قال للسفير السويدي، إنه «بسبب موقف الوزيرة وولستروم، التي تفتقر إلى أي أساس، تكون السويد قد أخرجت نفسها على المدى المنظور من أي مهمة، أو ذرة مهمة، في ما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية ــ الفلسطينية».
كذلك هاجمت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيبي حوطوبيلي، الوزيرة السويدية، وقالت إن «إسرائيل تغلق أبوابها أمام الزيارات الرسمية من السويد». ووفق مدير مكتبها، فإن «هناك طلبات عدة من مسؤولين سويديين لزيارة إسرائيل، ولكن تقرر عدم التعامل مع هذه الطلبات، ونحن غير معنيين باستضافتهم هنا».
تأتي هذه التصريحات استكمالاً لتصريحات صدرت عن تل أبيب في اليومين الماضيين، وصفت فيها الوزيرة السويدية أيضاً بمعاداة السامية. وقال وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، إن كلام وولستروم يدخل في نطاق معاداة السامية «أدركت ذلك أو لم تدرك»، وأضاف: «الوزيرة السويدية تحدثت عن إسرائيل فقط، من دون أن تشير إلى دول أخرى؛ من بينها الولايات المتحدة، التي تقوم بعمليات قتل مشابهة لعناصر جهادية، ومن دون أن تطلب الوزيرة التحقيق مع مسؤوليها»، لافتاً إلى أن «دولة السويد باتت بطلة أوروبا في عدد المنضمين من سكانها إلى تنظيم داعش الإرهابي».
إلى ذلك، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أعلن أنه إذا واصلت البرازيل رفض تعيين داني ديان سفيراً لإسرائيل فيها، فإن تل أبيب لن ترسل سفيراً آخر، مشيرة إلى أن القرار صدر عن نتنياهو مع الأمل بأن يؤدي ذلك إلى إقناع برازيليا بالتراجع عن معارضتها اعتماد ديان سفيراً إسرائيلياً لديها.
وكانت الحكومة البرازيلية قد رفضت تعيين ديان على خلفية مواقفه من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكونه هو نفسه مستوطناً، بل شغل في السابق مسؤوليات رفيعة في المستوطنات، من بينها منصب «رئيس مجلس الاستيطان».
ويبدو أن موقف تل أبيب الرافض تغيير اعتماد ديان سفيراً إسرائيلياً في البرازيل، هو قرار مبدئي لا يمكن التراجع عنه، وألا سيتسبب بأثمان غير مسبوقة للاستيطان الإسرائيلي، وسيؤثر سلباً على الحرب القائمة على تشريعه أو التغاضي عنه دولياً. كما أن إسرائيل في ظل التعنت بإرساله، رغم رفض برازيليا، تحول دون إيجاد سابقة دبلوماسية تدفع عواصم أخرى حول العالم، إلى تبني موقف مشابه لموقف البرازيل برفض اعتماد المستوطنين، أو من لهم صلة بالمشروع الاستيطاني.