سجّل قرار الحكومة المصرية الجديد برفع أسعار المحروقات خيبةً أخرى للمصريين الذين يعيشون منذ أشهر تداعيات إجراءات اقتصادية شاقّة ضمن اتفاق قرض صندوق النقد الدولي. القرار الذي عكّر أجواء عيد الفطر في مصر، شكّل مدخلاً لمعاناة إضافية في حياة المواطنين الذين يرزحون أصلاً تحت معيشةٍ مثقلة، ولا سيما منذ قرار تحرير سعر الصرف قبل نحو سنتين.
الزيادة الثالثة خلال عامين
أعلنت الحكومة، يوم أمس، رفع أسعار الوقود بنسب تصل إلى أكثر من 60 في المئة، وبهذا القرار تكون مصر قد رفعت أسعار الوقود للمرة الثالثة في أقل من عامين.
الزيادات تضمنت رفع سعر البنزين 92 أوكتان نحو 35 في المئة، والبنزين 95 بنسبة 17.4 في المئة. وتقرَّر أيضاً رفع سعر أسطوانات غاز الطهو 66.6 في المئة، وسعر السولار والبنزين 80 أوكتان الأقل جودة 50 في المئة، وهي الزيادة الأكثر تأثيراً في شرائح واسعة من المصريين نظراً لاستخدامهما في أغلب وسائل النقل والمواصلات العامة والخاصة. مع ذلك، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن زيادة أسعار السولار بنسبة 50.7 في المئة «لن تؤثر في أسعار الخبز».
في حديثٍ إلى وكالة «رويترز»، قال وزير البترول المصري، طارق الملا، إن «تحريك أسعار الوقود» سيوفر للدولة 50 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) في السنة المالية الجديدة التي تبدأ أول تموز/ يوليو المقبل.
وقال الملا إن «دعم المواد البترولية في موازنة 2018-2019 كان سيقدَّر بنحو 139 مليار جنيه من دون القرارات الجديدة وسيتقلص الآن إلى 89 ملياراً»، مضيفاً أن «تحريك أسعار الوقود سيساهم في ترشيد استهلاك المواد البترولية بنحو خمسة في المئة».


رفع تعرفة النقل
تبع رفع أسعار الوقود إعلان مجلس الوزراء قراراً بزيادة تعرفة ركوب المواصلات بنسب تصل بين 10 و20 في المئة في محافظات البلاد الـ27.
هذه الزيادة هي الرابعة الأساسية خلال ثلاثة أشهر التي تمسّ خدمات حكومية مدعمة. وكانت الحكومة قد زادت أسعار تذاكر مترو الأنفاق في العاصمة القاهرة (يستقله ثلاثة ملايين يومياً)، قبل أسابيع، بنسب تراوح بين 50 و150 و250 في المئة. أما الزيادة الأولى على سعر الوقود، فقد جاءت عقب يوم من تحرير سعر الصرف، والثانية أواخر حزيران/ يونيو 2017، مع العلم بأن الحدّ الأدنى للأجور في مصر يبلغ 1200 جنيه (67.4 دولار) شهرياً.
ويشكو مواطنون من تداعيات تحرير سعر صرف العملة المحلية، وأبرزها ارتفاع أسعار السلع والخدمات، غير أنهم لم يخرجوا منذ فترات طويلة في احتجاجات شعبية في ما يبدو أنه نتيجة للقبضة الأمنية للسلطات.
من جهة أخرى، تتوسع الحكومة بقوة في برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة» في محاولة لمساعدة محدودي الدخل في مصر. ويقدم البرنامج مبالغ شهرية للأسر الأشد فقراً، لكن ما زالت الأرقام هزيلة ولا تتناسب مع الارتفاعات القوية في كل السلع والخدمات.


انتشار أمني في محطات الوقود
أعلنت السلطات المصرية، أمس، أن هناك انتشاراً أمنياً بدأ في محطات الوقود ومواقف سيارات الركاب، عقب إعلان الزيادات الجديدة.
وأوضحت وزارة الداخلية، في بيان، عقب زيادة حكومية لأسعار الوقود وتعرفة الركوب، أن الأجهزة الأمنية كثّفت «الخدمات الأمنية والمرورية في محيط محطات الوقود ومواقف سيارات الركاب لضبط ما يقع من مخالفات».
ونقلت وكالة الأنباء المحلية الرسمية، عن مصدر أمني مسؤول قوله: «من يخالف التعليمات، ولم يلتزم التعرفة الجديدة للنقل بين المحافظات المختلفة، وفقاً للأسعار المحددة والمعتمدة بهذا الشأن، فسيجري اتخاذ الإجراءات القانونية ضده».


قرض صندوق النقد
تؤكد الحكومة أن هذه الزيادات هي من ضمن «حزمة إصلاحات» لمعالجة عجز الموازنة ووضع الاقتصاد على مسار النمو. وتندرج هذه الإجراءات في إطار اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار (الدولار = 17.80 جنيهاً مصرياً) مع صندوق النقد الدولي، فيما تنعكس سلباً على الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي اعتادت درجة من الدعم الحكومي حتى في أحلك الظروف التي مرّت بها مصر.
وكانت الحكومة المصرية قد وقّعت اتفاق قرض الصندوق نهاية عام 2016 بعدما أقدم البنك المركزي على تحرير سعر صرف الجنيه في خطوة أطلقت موجة تضخم دام لشهور. ويشمل الاتفاق أيضاً خفض دعم الطاقة والمياه سنوياً ومبادرات لزيادة إيرادات الدولة وإقرار عدد من القوانين الجديدة المحفزة للاستثمار. كذلك زار وفد من صندوق النقد مصر خلال شهر أيار/ مايو الماضي لمراجعة برنامج مصر الاقتصادي، لكن لم يصرف حتى الآن الشريحة الجديدة من القرض المقدرة بملياري دولار.