في حادثةٍ عُدّت الأكثر خطورةً منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، اشتعلت النيران بشكلٍ مفاجئ في أحد مخازن «مفوضية الانتخابات»، لتُخفي بذلك بعض نتائج صناديق بغداد. وفيما أعلنت «المفوضية» امتلاكها نسخةً احتياطية من النتائج المفقودة، سارع عدد من القوى والشخصيات إلى المطالبة بإعادة الانتخابات. مشهد معقد ومفتوح على احتمالات شتى، يرى البعض أن تدخلاً من الأطراف الإقليميين والدوليين الفاعلين على الساحة سيكون كفيلاً بإيقاف كرته.في توقيت وُصِف بالمريب، اشتعلت النيران، ظهر أمس، في أحد المخازن الخاصة بـ«المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» في منطقة الرصافة في العاصمة العراقية بغداد، وفق ما أعلنته «قيادة عمليات بغداد»، التي أكّدت في بيان أن «فرق الدفاع المدني سيطرت على الحريق». وأشار البيان إلى أن «مسؤولية القوات الأمنية تقتصر فقط على حماية السور الخارجي لمراكز خزن المفوضية»، مضيفة أنه ليس لها أي عمل داخل المخازن، «التي هي من اختصاص المفوضية». وأمر رئيس الوزراء حيدر العبادي، من جهته، جميع قيادات العمليات في المحافظات بـ«تشديد الإجراءات الأمنية لمخازن المفوضية، وزيادة القطعات المخصصة لحمايتها»، داعياً «المختصين في مديرية الأدلة الجنائية إلى الكشف على موقع الحادث، والتحقيق، وإعداد تقرير مفصّل بالحادث وبالأضرار بعد تدقيقها بشكل نهائي». بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء سعد معن، «عزل صناديق الاقتراع المهمة عن حريق مخازن المفوضية، وما احترق جزء بسيط من الصناديق»، في حين قال نائب رئيس «اللجنة الأمنية» في مجلس محافظة بغداد، محمد الربيعي، إن «الأوراق والصناديق قد احترقت بالكامل».
دعا الجبوري إلى ضرورة إعادة الانتخابات بعدما «ثبت تزويرها»


وشمل الحريق جميع أجهزة تسريع النتائج، وأجهزة التحقق الإلكترونية الخاصة بمكتب انتخابات بغداد ــ الرصافة، وفق ما أعلنه رئيس «مجلس المفوضين» معن الهيتاوي، مؤكداً في الوقت نفسه أن «الحريق لا يؤثر على نتائج الانتخابات، فأوراق الاقتراع قد نُسخت، ونمتلك نسخة احتياطية عنها في المكتب الوطني ومكتب انتخابات بغداد الرصافة». واعتبر الهيتاوي، في بيان، أن «المفوضية مستهدفة من جميع الجهات لثنيها عن أداء عملها الديموقراطي بموجب القانون والدستور». والجدير بالذكر أن الهيتاوي كان رفع دعوى قضائية ضد رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، على خلفية تصويت البرلمان الأسبوع الماضي على تعديل قانون الانتخابات يما يلغي آلية العد والفرز الإلكترونيين لأصوات الناخبين، وانتداب 9 قضاة لإدارة «مفوضية الانتخابات»، وتجميد عمل «مجلس المفوضية»، حتى «الانتهاء من التحقيقات في عمليات التزوير»، الأمر الذي وصفه الهيتاوي بـ«المخالف للقانون والدستور».
حادثة أمس، التي تزامنت مع قرار «مجلس القضاء الأعلى» تعيين قضاة للإشرف على عمليات العد والفرز اليدويين بدلاً من أعضاء «مجلس المفوضين» الذين أوقفوا عن العمل، دفعت مختلف القوى السياسية (المستفيدة منها والمتضررة) إلى التساؤل حول هوية منفذها. إلا أن عضو «مجلس المفوضين»، سعد كاكائي، أرجع الحريق إلى «القصور المتعمد من قبل الإدارة الانتخابية داخل المفوضية»، لافتاً إلى أن «موظفي الإدارة الانتخابية مسؤولون عن أمن وسلامة صناديق الاقتراع، ويتحملون ما حصل». وفي معرض تعليقه على الحادث، اعتبر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، من جانبه، أن «جريمة إحراق المخازن فعل متعمد، وجريمة مخطط لها، تهدف إلى إخفاء حالات التلاعب والتزوير في الأصوات، وخداع الشعب العراقي»، داعياً إلى «إعادة الانتخابات بعدما ثبت تزييف إرادة الشعب العراقي بشكل متعمد وخطير، وملاحقة الجهات التي ساهمت في عمليات والتخريب». أما مسؤول «المكتب السياسي» لزعيم «التيار الصدري»، ضياء الأسدي، فقد وصف الحادثة بـ«محاولة استهداف أصوات الفقراء والمحرومين»، ذلك أن من «عمد إلى إحراق أجهزة التحقق وأماكن وجود بيانات الانتخابات يهدف إلى أمرين: إما إلغاء الانتخابات أو إتلاف بطاقات الحشو التي عُدّت ضمن النتائج».
ودفعت حادثة أمس، أيضاً، رئيس «ائتلاف الوطنية»، إياد علاوي، إلى الدعوة لإعادة إجراء انتخابات نزيهة خلال ستة إلى ثمانية أشهر «درءاً لأي فراغ دستوري»، فيما أعلن «تحالف الفتح» معارضته إجراء عمليات العدّ والفرز اليدويين بنسبة 100%، مشيراً إلى أن العملية ستستغرق فترة ثلاثة أسابيع. وقال الناطق باسم التحالف، أحمد الأسدي، إن «تحالف الفتح مع مقترح إجراء عملية العد والفرز اليدويين بنسبة 25%، وليس 100%»، مضيفاً أن «الجميع يترقب قرار المحكمة الاتحادية لقول كلمتها بشأن الانتخابات، وقضية العد والفرز اليدويين والنسبة، وقضية إلغاء انتخابات الخارج والنازحين».