الجزائر | للمرة الأولى منذ ظهور «حركة انفصال القبائل» عام 2001، تجرأ زعيمها فرحات مهني، على دعوة أنصاره بالمنطقة إلى تشكيل «ميليشيات مقاومة» لسلطة الدولة الجزائرية، في تطوّر خطير قد ينذر بالتصعيد في هذه المنطقة، خصوصاً أنّ هذه الحركة الانفصالية لم يُعرف عنها تبني العنف في السابق، حيث كانت تكتفي بالتعبير عن نفسها عبر التظاهرات والتعبئة لأفكارها في الجامعات وحتى المدارس.
(عن الويب)

وجاء تصريح فرحات مهني، وهو في الأصل مطرب عُرف عنه نضاله في الحركة الأمازيغية، في إطار لقاء جمعه بأنصاره في العاصمة البريطانية لندن، قال فيه: «حتى يتحوّل الاستقلال إلى حقيقة، أطلب من الشعب القبائلي القبول بحسن نية إنشاء جهاز مقاومة... تنظيم أمني للقبائل، لأننا من دون سلطة لم يكن لنا أي تأثير». وأضاف: «من دون ذلك، سيبقى أبناؤنا يذهبون إلى مدارس الخضوع، وسيظلون يُقمعون من الشرطة الكولونيالية في كل مرة ينزلون إلى الشارع».
هذا الكلام الخطير في مضمونه، قال عنه الباحث محند أرزقي فراد، إنّه «تجاوز عتبة حرية التعبير التي كان المثقفون في المنطقة يقرّونها له من باب الحرص على احترام الثقافة الديموقراطية». واعتبر فراد أنّ منطقة القبائل لم تكن في ماضيها البعيد والقريب، «جزيرة مجنونة» تعادي الوحدة الوطنية التي «ساهم أبناؤها بفعالية في بناء صرحها، فكرياً وسياسياً». وعليه، اعتبر أنّ هذا التاريخ «يدعو إلى الارتياح، وإلى استبعاد احتمال تحوّل (هذه المنطقة) إلى حاضنة للفكر الانفصالي الخطر»، مستدركاً في الوقت نفسه بأنّ صناعة الواقع لا يخضع دوماً للتاريخ والمنطق، وبالتالي يجب الشعور بالقلق إزاء هذا الكابوس المسمّى بـ«الفكر الانفصالي». وأشار فراد أيضاً إلى ضرورة التنبه لإمكانية «تضافر عاملين اثنين، هما: المظالم الداخلية والمطامع الخارجية».
يواجه هذا البلد الأوروبي سلسلة من التحديات الكبيرة


جدير بالذكر أنّ فرحات مهني سبق أن عُرِف بنشاطاته المشبوهة، وسبق له أن زار إسرائيل، ويجاهر بأعتى الموتقف التطبيعية مع العدو الإسرائيلي، إذ سبق أن زعم بأنّ «الشعب القبائلي ليس له مشكل مع الكيان الصهيوني». أيضاً، سبق للوزير الأول (رئيس الوزراء) أحمد أويحيى، اتهام هذه الحركة الانفصالية بتلقي الدعم من المغرب، لمحاولة ضرب الوحدة الوطنية في الجزائر.
وفيما رأى الصحافي في جريدة «الوطن» الناطقة بالفرنسية، حسان والي، أنّ فرحات مهني تحوّل بهذه الدعوة المشبوهة إلى «حليف موضوعي للنظام»، كتب المدوّن فريد بوشن، وهو مناضل في «حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» التي تُعدُّ منطقة القبائل إحدى معاقله، أنّ هذه الدعوة تضع مهني في نفس طاولة الإرهاب الإسلامي عام 1990 حين «دعا علي بلحاج القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى تشكيل جناح عسكري من أجل محاربة الطواغيت والسلطة الجزائرية، والقصة بعدها يعرفها الجميع: تسجيل فاتورة بشعة ووحشية في حق الشعب الجزائري... ولحد اليوم لا تزال مخلفات هذه العشرية السوداء تضرب ألباب الجزائريين وأنفسهم عامة».
من جهته، دان «حزب العمّال» بشدّة تصريحات فرحات مهني، واعتبر أنّ هذه الحركة «قد خطت للتو خطوة نوعية في عملها الرامي إلى تفكيك الأمة الجزائرية، وتؤكد بهذا أنّ مسعاها يخدم القوى العظمى التي تعمل في كل مكان من أجل تدمير الدول/ الأمم قصد الاستيلاء على ثرواتها». ولفت هذا الحزب الذي تقوده لويزة حنون، إلى أنّ «هذا التصعيد الخطير لهذه الحركة، يحدث في الوقت الذي تعرف هذه الحركة الانفصالية تراجعاً ملموساً نتيجة التطورات المسجّلة في تسوية المسألة الأمازيغية، على غرار دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، والاعتراف بعيد السنة الأمازيغية... وإنشاء أكاديمية اللغة الأمازيغية، وهي كلها إجراءات اعتمدها الرئيس (عبد العزيز) بوتفليقة لتفكيك أزمة الهوية في البلاد الممتدة إلى الفترة الاستعمارية».