على رغم كل التصريحات التي تخرج عن مسؤولين في البيت الأبيض عن نية الرئيس دونالد ترامب حلّ الأزمة الخليجية، إلا أن الأحداث تنبئ بتجذّر الخلاف كونه بدأ يمس بعائلات الأسر الحاكمة في الممالك الخليجية. مصدر خليجي مطّلع كشف لـ«الأخبار» عن لجوء نجل حاكم إمارة الفجيرة الشيخ راشد بن حمد الشرقي (رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام) إلى سفارة قطر في لندن يوم 19 أيار الجاري. يقول المصدر إن الشيخ الإماراتي ذهب برجليه إلى السفارة القطرية قبل عشرة أيام وطلب اللجوء في الدوحة، وقد مكث في سفارة القطريين في لندن لمدة ثلاثة أيام مسرّباً لهم الكثير من أسرار الدولة، ومساء الأربعاء في 23 الماضي نُقِل بسيارة دبلوماسية من السفارة القطرية إلى مطار هيثرو، ومنه بطائرة خاصة إلى الدوحة التي دخلها بجواز سفره الدبلوماسي.بحسب المصدر، تواصل الإماراتيون مع البريطانيين للكشف عن مكان الشيخ الشرقي الذي فقدت سفارة أبو ظبي في لندن أثره ولم تعثر في مكان إقامته بجناحه في فندق «45 بارك لاين» على أي اثر يدلّ على تعرضه للاختطاف. الشرقي كان قد حجز جناحاً في الفندق المذكور لمدة شهرين متتاليين، لكنه أمضى فقط 34 يوماً في الفندق. يشير المصدر إلى أن الشرطة البريطانية أكدت لقاء الشرقي بشيخ قطري من آل ثاني في ردهة فندق «45 بارك لاين» في اليوم نفسه الذي اختفى فيه، وهي ألمحت لأبو ظبي أن الشيخ الاماراتي ليس مختطفاً وذهب إلى القطريين بإرادته وفق معلومات الأجهزة الأمنية البريطانية. هذا ما يرفضه محمد بن زايد ويحاول الضغط على السلطات البريطانية لكي تتعامل مع اختفاء الشرقي على أنه «حالة خطف» لتأخذ وضعية الهجوم، حال تسرّب الخبر إلى الاعلام. يتابع المصدر أن القطريين والإمارتيين على حد سواء يسعيان لإبقاء الخبر طي الكتمان، فأبو ظبي لا تريد أن تظهر وكأنها تعرّضت للصفع من قبل القطريين، خصوصاً أن الشرقي كان يشارك في اجتماعات أبيه ضمن «المجلس الأعلى لحكام الإمارات» ويملك أسراراً ومعلومات حساسة عن أبو ظبي. فيما يسعى القطريون إلى استعمال الشيخ الإماراتي وما قدّمه من معلومات كورقة ضغط لتحسين ظروفهم في المفاوضات التي يؤكّد المصدر نفسه أنها تجرى منذ أشهر في سويسرا بين ممثلين عن قطر والسعودية بإشراف الأميركيين.
لا يبدو أن الامور بين الدوحة وأبو ظبي ستتّجه نحو الحلحلة قريباً مع تراكم عوامل الخلاف وتأزّمه، ومن غير الواضح إذا ما كانت قضية لجوء الشيخ الإماراتي إلى الدوحة ستنتهي بتسليمه إلى بن زايد مخفوراً، فالمعلومات تقول أن الدوحة تسعى من وراء احتضان الشرقي إلى فتح كوّة في جدار تصلّب الإمارات لتقبل التفاوض المباشر، وتبدي مرونة في مسألة تسليم الشرقي، تماماً كما فعلت مع الأمير نواف بن طلال الرشيد (الذي يحمل جنسيتها) والذي سلّمته الكويت للسعودية برضى قطر، إضافة إلى الناشط الحقوقي السعودي محمد العتيبي الذي تمرّ في هذه الأيام ذكرى عام على تسليم قطر إياه إلى السعودية.
الجدير بالذكر أن الشيخ راشد بن حمد الشرقي حاز عام 2013 على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن ميتروبوليتان، وهو نَشِط على الصعيد الثقافي والاجتماعي في إمارة الفجيرة، ولم تتّضح بعد حقيقة الأسباب التي دفعته للجوء إلى الدوحة.