مع تفاقم الوضع الصحي لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تحضر قضية مستقبل السلطة والوضع الأمني في الضفة الغربية المحتلة لدى مؤسسات صناعة القرار في تل أبيب. ويبدو أنّ هناك تفاوتاً في الخطاب المعتمد تجاه رئيس السلطة، من دون أن يعني ذلك، بالضرورة، أن هناك تبايناً جدياً في النظرة إلى حقيقة الدور الأساسي الذي يقوم به في ضبط الوضع الأمني في الضفة، وخاصة أن الجهات المهنية الإسرائيلية تؤكد أن توجيهاته لا تزال تؤكد على كبح أي محاولة تنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين.مع ذلك، لم يناقش المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل لحد الآن، مسألة الشريك الفلسطيني القادم، وهو ما أرجعه المعلق السياسي في موقع مونيتور، بن كسبيت، «إلى كون الوزراء غير معنيين بأي شريك فلسطيني». في المقابل، يسود المؤسسة الأمنية قلق كبير من اليوم الذي يلي أبو مازن، «المستمر في مكافحة الإرهاب ويمنع (التنظيم/ حركة فتح) من الانضمام إلى دائرة العنف».
ويلفت بن كسبيت إلى أنه في الأشهر الأخيرة، بدأت منافسة بين وزراء إسرائيليين كبار من يفوز بإهانة أبو مازن، في مقابل المستويات المهنية، من شعبة الاستخبارات العسكرية إلى الشاباك، إضافة إلى مجمل قيادة الأجهزة الأمنية، ورئيس الأركان، يعتقدون بشيء آخر. وكتعبير عن صدقية موقفهم، ينقل بن كسبيت عن الكثير في المؤسسة الأمنية كشفهم عن معطيات أخرى، في الأشهر الأخيرة، حول أن توجيهات أبو مازن بمواصلة مكافحة المقاومة (التي يسميها إرهاباً)، لم تتغير، وهو الأمر الأهم بالنسبة إلى الجيش وبقية الأجهزة. أما بالنسبة إلى المستوى السياسي، فإن معيارهم في الموقف منه، فلكونه جرؤته على محاربة إسرائيل في المجال الدبلوماسي، لا تُغتفر، إضافة إلى مواصلة دفع رواتب المخربين والسجناء والقتلة في سجون إسرائيل التي تشكّل ذريعة حرب.
وفي موقف ناقد للتهجمات على الرئيس أبو مازن، يكرّرون في المؤسسة الأمنية القول للمستوى السياسي: «ستشتاقون لأبي مازن».
وينقل بن كسبيت، أن خلفية كره وزير الأمن الإسرائيلي للرئيس الفلسطيني يعود إلى قربه من «بطلين» فلسطينيين آخرين: محمد دحلان، الذي يتنقل بين الإمارات والقاهرة؛ ورجل الأموال محمد رشيد. ويضيف أن ليبرمان لديه خطة إقليمية ضخمة ترتبط بهذين الاثنين، أو على الأقل بأحدهما، وبجهات إضافية في المنطقة مثل مصر والسعودية. ويبدو أنّ ليبرمان ينتظر رحيل أبو مازن بفارغ الصبر. أما بخصوص الدور الذي يمكن أن يقوم به مروان البرغوثي في مرحلة ما بعد أبو مازن، فاعتبر بن كسبيت، بالخلاصة، أنه لا أحد في القيادة السياسية لديه النية لإطلاق سراحه... ويبدو أنه سيقضي المزيد من السنوات في السجون الإسرائيلية.
في سياق آخر، نقلت قناة «كان» الإسرائيلية، عن مصادر سياسية رفيعة المستوى، هددت رئيس السلطة الفلسطينية بالكف عن تجميد الرواتب وطالبته بدفعها على الفور. وأضافت المصادر نفسها أن إسرائيل لوّحت بتقليص مخصصات أموال الرواتب واقتطاعها من عائدات الضرائب التي تجبيها لمصلحة السلطة الفلسطينية.
ومن الواضح أن إسرائيل تخشى من أن يؤدي تفاقم الوضع في قطاع غزة، إلى مواجهة عسكرية بين الجيش وفصائل المقاومة. وبالتالي فإن هذه الضغوط تهدف الى قطع الطريق أمام هذا المسار الذي تسعى إلى تجنبه.