بِظَهر قوّّستْهُ سنين الحرب، يجلس أبو عبدو محيي الدين وسط غرفة حارّة في منزل عربي، في دمشق القديمة، ويطبع «رسم الأغباني» قبيل تطريزه وتجهيزه وإرساله إلى مرحلة أخرى من مراحل صناعته النادرة.يكادُ هذا النوع من صناعة القماش، الذي كانت تتفرّد به دمشق، يلفظ أنفاسه الأخيرة. فلم يعد أحد يطلب ذاك القماش الأبيض والمطرّز بألوان الحرير المختلفة، بعد أن أبهرت العاصمة السورية العالم بهذا الخليط بين الحرير والقطن والقماش، قبل أكثر من 150 عاماً.
يعدّ أبو عبدو (47 سنة) واحداً من آخر من يقومون بطبع الأغباني على القماش، إن لم يكن آخرهم، بعد وفاة العديد منهم، وسفر آخرين، إذ افتقدت دمشق الأيادي التي كانت تغزل وتطبع وتصنع هذا النوع الفريد من المنتجات الدمشقية.
والأغباني كلمة تركية الأصل، وتعني الزخرفة على القماش. وتُصنع بهذه الحرفة يدوياً «الفساتين والكلابيات والعبي وشراويل القنباز والصدريات».
يأمل أبو عبدو أن تعود الدماء إلى شرايين هذه الصنعة، بعد أن انتهت العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، ويقول متفائلاً «إذا عادت دوما إلى الأغباني، يعود الأغباني إلى الحياة».