بعد يوم واحد على استعادة الجيش السوري وحلفائه السيطرة على حي القدم، ودفعهم مسلحي «داعش» إلى عمق مخيم اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق، أُعلن عن التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج المسلحين من مخيم اليرموك إلى إدلب، مقابل خروج أهالي بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين، وتحرير عشرات المختطفين من قرية اشتبرق (في عام 2015) من قبل مسلحي «جيش الفتح» حينها. التفاصيل الأوّلية حول الاتفاق تفيد بأنه سينطلق فجر اليوم، على أن ينقسم تنفيذه إلى مرحلتين منفصلتين، تبدأ الأولى بدخول متزامن لقافلتين ــ تضمّان حافلات وسيارات إسعاف ــ إلى كل من مخيم اليرموك وبلدتي كفريا والفوعة، للإعداد لإجلاء الدفعة الأولى من أهالي البلدتين، والتي ستصل إلى قرابة 1500 شخص. وبالتوازي، سوف يخرج مسلحو اليرموك إلى إدلب، ويتم الإفراج عن دفعة أولى من المختطفين من أهالي بلدة اشتبرق (عددهم الكامل نحو 85). ومن دون بيان الجدول الزمني لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي سيخرج خلالها 3500 شخص من أهالي البلدتين الإدلبيتين، فإن من المتوقع الانتهاء منها قبل منتصف أيار المقبل.
سوف تشرف القوات التركية على تأمين قوافل كفريا والفوعة

ورغم أن بنود الاتفاق مرتبطة باتفاقات سابقة تم تنفيذها، كما بمفاوضات تكررت في مناسبات عدة، فقد بقيت تفاصيله خارج دائرة الضوء، إلى حين كشفها أمس بشكل مقتضب وجزئي. وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن تلك التفاصيل صيغت بشكلها الحالي قبل نحو أسبوع، وانتظرت تأكيدها من قبل الدول «الضامنة» الثلاث في مسار أستانا، وهي روسيا وإيران وتركيا، وهذا ما تم خلال الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية تلك الدول في موسكو، أول من أمس. ويفترض أن تشمل التسوية مسلحي «هيئة تحرير الشام» الموجودين في شمال مخيم اليرموك، وعشرات من عناصر الفصائل المسلحة الأخرى في المخيم، بينها «أكناف بيت المقدس». وسوف يتكامل مسار التسوية في اليرموك مع اتفاق يشمل بلدتي ببيلا وبيت سحم ومحيطهما، تم الإعلان عنه أمس، على أن يتم تنفيذه «بعد تأمين جبهات المنطقة»، وفق ما نقلت مصادر معارضة. ووفق المعلومات المتوافرة، سوف يتم بدءاً من اليوم إعداد لوائح الأشخاص المشمولين من الطرفين بـ«اتفاق اليرموك»، والذين سيتم إخراجهم على دفعتين. ويفترض أن تلعب القوات التركية الموجودة في ريف إدلب الدور الرئيس في تأمين القوافل الخارجة من بلدتي كفريا والفوعة، حتى وصولها إلى المعابر المتفق عليها مع مناطق سيطرة الجيش السوري، والتي ستحضر قوات الشرطة العسكرية الروسية فيها خلال العملية. ويتقاطع هذا الدور التركي المباشر في تنفيذ هذا الاتفاق مع ما جرى تسريبه عبر وسائل إعلام مقرّبة من تركيا عن استدعاء أنقرة لممثلين عن «هيئة تحرير الشام» للاجتماع مع مسؤولين أتراك قبل أيام.
الاتفاق الذي أتى بعد يوم واحد على اجتماع موسكو الثلاثي الوزاري، بدا إقراره كجزء من الجهود الروسية ــ التركية ــ الإيرانية المشتركة في مسار أستانا، خاصة أن جولة المحادثات الأخيرة في العاصمة الكازاخية بحثت بشكل مفصّل مسألة تبادل المختطفين والأسرى، بالتوازي مع تعزيز «تخفيض التصعيد» في الميدان. وأتاح الدخول التركي إلى «نقاط المراقبة» في ريفي حلب وإدلب، لأنقرة، لعب دور مباشر في ضمان ومراقبة تنفيذ أي اتفاق مماثل، خاصة في ظل الخلافات الداخلية المتنامية بين الفصائل المسلحة هناك. ويشكّل هذا الاتفاق محطّة جديدة في مسار التعاون الثلاثي، الذي أجمعت أطرافه على ضرورة حمايته وتعزيزه من محاولات التعطيل. وبدا هذا التوجه واضحاً خلال اجتماع موسكو أول من أمس، وعبّر عنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالقول إن «بعض الأطراف تحاول عزل عملية أستانا». وأكد أن بلاده مهتمة بضمان وقف إطلاق النار في منطقة إدلب، ومستعدة «لبذل جهود مشتركة لمواجهة التهديد الإرهابي» هناك. المضمون نفسه عزّزه كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي أشار إلى «وجود محاولات لإعاقة جهود السلام... وخاصة منع إنشاء لجنة دستورية»، مضيفاً أن بلاده وإيران وتركيا سوف «تواجه محاولات تقويض الجهود المشتركة... وضمان استقرار عملية أستانا». وبعث لافروف برسالة مهمة مفادها أنه «تم الاتفاق على خطوات محددة سوف تتخذها دولنا الثلاث، بشكل فردي وجماعي»، موضحاً أن «الحرب ضد الإرهابيين الذين يحاولون الاختباء في مناطق تخفيض التصعيد، سوف تكون بلا هوادة».