منذ إعلان تدهور صحة «رجل شرق ليبيا القوي» خليفة حفتر، قبل نحو أسبوع، يشهد فريقه عدداً من الهزات، جاءت آخرها أمس، حين تعرض رئيس أركان قواته الفريق عبد الرازق الناظوري، لمحاولة اغتيال في بنغازي، في انفجار أدى إلى مقتل «شخص سوري الجنسية، وإصابات أخرى»، وفق ما أعلن المكتب الإعلامي في «الغرفة الأمنية المركزية» في الشرق.الناظوري الذي سارع قبل أيام إلى نفي أنباء اختياره لخلافة حفتر «المريض»، اتهم «الخلايا الإرهابية» بالوقوف وراء محاولة اغتياله، واضعاً ما حدث في خانة «العمل الجبان الذي يأتي بعد هزيمة هذه الجماعات الإرهابية عسكرياً في الميدان». جدير بالذكر أنّ استهداف الناظوري قد يكون على صلة مباشرة بالعمليات العسكرية المستمرة في مدينة درنة، إذ إنّ الناظوري هو الحاكم العكسري لمنطقة درنة ـــ بن جواد. وقد كان لافتةً إدانة رئيس «حكومة الوفاق» فائز السراج (غريم حفتر وفريقه)، لمحاولة الاغتيال.
في هذا الوقت يزداد الغموض بشأن خليفة حفتر، إذ جرى أمس تناقل أخبار عن لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، تقول إنّ المشير الليبي «سيعود بعد يومين إلى ليبيا»، علماً أنّه لم يمكن التأكد من صحة ذلك. أيضاً، كتب أحد المتابعين المؤيدين لحفتر أنّه «وصل يوم أمس (أول من أمس) إلى مصر لاستكمال العلاج، وتتوقع عودته قريباً».
التضارب في المعلومات زاد الصورة غموضاً، في ظل سعي حثيث من قبل الإعلام السعودي وغيره من المؤيدين لحفتر، «لنفي تدهور صحته»، وحصر الأمر بـ«خضوعه للعلاج». إلا أنّ ما يصعب نفيه، أنّ ثمة صراعات بدأت تظهر داخل فريق حفتر، وهو ما أكده الناظوري بنفسه أمس، بإعلانه أنّ «ما يدور حول خلافات بين الضباط هو شائعات، والقيادة تعمل بنحو طبيعي، ونحن في انتظار عودة المشير حفتر خلال اليومين المقبلين».
في المقابل، من المعروف أنّ كل المهتمين في الشأن الليبي لم يتراجعوا عن تساؤلاتهم بخصوص مستقبل شرق ليبيا «بعد حفتر»، وهو حديث بات يدور أيضاً بين الأوساط السياسية المتابعة، ذلك أنّه «حتى إذا عاد حفتر، فإنّ فريقه تعرض لهزة قوية خلال الأيام الماضية، وسيكون عليه العمل للجم التداعيات»، كما يقول سياسي متابع لـ«الأخبار».
في هذا الصدد، يوضح الباحث في «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة» طارق مغريسي، في حديث إلى «لوموند» الفرنسية، أنّ «حفتر جهّز نجليه، خالد وصدام، لخلافته، لكنهما بالكاد يكتسبان احترام الجنود بسبب افتقادهما للخبرة القتاليّة وشبهات المحسوبيّة التي تدور حولهما». ويُذكّر المغريسي بأنّ «قبائل الشرق استعملت حفتر وسيلةً لاستعادة السيطرة على منطقتها، وبمجرد تحقق هدفها، لم يعد يوجد لديها سبب لاتّباعه». جدير بالذكر أنّ حفتر لا ينتمي إلى قبيلة من شرق ليبيا، بل إلى «قبيلة الفرجان» المتمركزة في غرب البلاد.
هذه النقاشات ذهبت إلى نقاط أبعد، تخص على سبيل المثال، «حجم الخسارة الروسية» إذا تراجع فريق حفتر. وفي هذا الصدد، كتب الباحث المتخصص في الشأن الليبي جلال حرشاوي، أمس: «فكرة أنّ ضعف حفتر سيحرم روسيا نقطة دخولها الرئيسية إلى ليبيا، سخيفة»، مضيفاً أنّ «نقطة دخول روسيا الرئيسية، هي عبر الإمارات، مصر، والسعودية، وهؤلاء لن يذهبوا إلى أي مكان». ويتساءل حرشاوي: «هل يكون للقوى الخارجية كلمة في عملية اختيار خليفة لحفتر؟»، مجيباً: «بالطبع نعم».