القاهرة | إعلان مكاتب حملة «تمرد» المصرية حل نفسها في عدة محافظات مصرية، وما رافق ذلك من انتقادات داخلية لقيادات من الحملة، فضلاً عن خروج حملة جديدة أطلقت على نفسها اسم «تمرد 2” من رحم «تمرد» تسعى لتكرار تجربتها التي أدت لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، ولكن ضد السطات الحالية هذه المرة، كلها وضعت علامات استفهام كبيرة حول هذه الحملة ومستقبلها السياسي، فما هي حقيقة ما يجري في أروقتها؟ يقول مسؤول التنظيم السابق في الحركة، سيد غريب، لـ»الأخبار»، إنه بعد استجابة القوات المسلحة للضغوط الشعبية في30 حزيران التي قادتها الحركة وتم الإطاحة بالرئيس مرسي، ظهر رأي داخل الحركة يدعو إلى التوقف عن النزول إلى الشارع، والبدء في مرحلة بناء البلاد، بسواعد شباب الحملة خاصة وأن متوسط أعمارهم هو 26 عاماً. وأضاف «إلا أن بعض قيادات الحركة وعلى رأسهم محمود بدر، ومحمد عبد العزيز، بدؤوا حراك بشكل منفصل، بدا وكأنه بحث عن مجد شخصي، ظهرت أولى تجلياته عندما أرسلت الإمارات معونة لكسوة مليون طفل، إلا أن المتنفذين داخل الحركة قاموا بتوزيعها في القرى المنحدرين منها، كدعاية يمكن أن يستخدمونها في الانتخابات التشريعية القادمة».
وتابع غريب «النقطة الثانية في الخلاف، ظهر في الموقف من دعم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في الترشح لانتخابات الرئاسة المرتقبة، حيث خالف بعض أقطاب الحركة المتنفذين الإتفاق الأولي بدعم مرشح مدني للرئاسة بإعلان دعمهم للسيسي، كما اتسعت ظاهرة عودة رجال الحزب الوطني تحت عباءة تمرد حتى مثلت حرجاً للحركة، بالنظر إلى أن بعض اجتماعات الحركة كان معظم حضورها من المنتمين للحزب المنحل، وهو ما لم نكن نتمناه أو نبحث عنه». وأوضح أن «الظهور الإعلامي أغرى الكثير من قيادات الحركة، فانجرفوا لترديد نفس ما يردده الإعلام بتخوين شباب الحراك الثوري، كحركة 6 إبريل (نيسان) بكلام مغلوط يروجه الإعلام لتشويه ثورة 25 يناير (كانون2)، فكان لابد من الاستقالات الواسعة داخل الحركة، رفضاً لكل هذه الممارسات، وتأسيس حملة جديدة لمعالجة هذه الظواهر السلبية».
ورغم اختلافه مع حركة تمرد، وانفصاله عنها، يرفض غريب أي اتهام لها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية، إلا أنه في الوقت ذاته يقر أن بعض تصرفات الحركة والتناول الإعلامي لها، يعطي إيحاءاً غير صحيح بوجود مثل هذا التنسيق.
فض اعتصام رابعة «بالطريقة الهمجية التي جرت» والدماء التي سالت، دفعت بعض أعضاء تمرد للانشقاق أيضاً، مثل شمس العثماني عضو الحركة، الذي طالب بسحب توقيعه من الحملة، «لمخالفتها ما وقع عليه من الأساس»، معتبراً أن «الحملة جمعت التوقيعات لعزل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وليس التفويض للقتل أو التورط في أي انتهاكات، والسماح بعودة العسكر للحكم مرة أخرى»، حسبما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن المتحدث الإعلامي باسم حركة تمرد، حسن شاهين، رفض في حديث لـ»الأخبار» تلك الاتهامات بشدة، قائلاً «إن هناك نوعاً من التحالف أو التنسيق الانتخابي بين القوى المحسوبة على الثورة المصرية، يضمن عدم وجود منافسة انتخابية بين الكوادر الثورية يمكن أن يستفيد منها تحالف دعم الشرعية، المشكل في غالبيته من أحزاب إسلامية وقوى أخرى مؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين، أو القوى الرجعية ممثلة في الحزب الوطني والأحزاب والجبهات المنبثقة عنه».
وأبدى شاهين تفاؤله بهذا التحالف الإنتخابي من أجل «عدم نجاح أي من مرشحي الإخوان ومؤيديها أو الوطني وأنصاره»، واصفاً التحالف بأنه سيكون صوت «مصالح الغلابة» بعيداً عن المصالح الشخصية للإخوان أو رجال الوطني،
وأوضح أن الاتصالات ما زالت جارية لترتيب جلسات نقاش بين كافة مكونات التحالف الذي سيشهد نزول ممثلين لحركة تمرد على قوائم التحالف، تحدد نسبتها نتيجة النقاشات الجارية الآن.
لكن مسؤول المكتب الإلكتروني لحملة تمرد إسلام همام الذي يرى أن قواعد الحركة ولجانها في المحافظات تصر على ولائها للحملة «بشكلها الأول»، قال إن إعلان الحركة المنافسة على انتخابات مجلس النواب القادم، أمر غير منطقي «لأن الحملة كانت تضم تحت لوائها أحزاباً وجبهات سياسية كثيرة، فكيف تنزل الحركة إلى منافسة هذه الأحزاب في الانتخابات في الوقت الذي كانت تتزعم حراكهم؟»، مضيفاً «إن كل المحاولات فشلت في التفاهم مع قيادات الحركة محمود بدر وحسن شاهين، قبل أن تقرر اللجنة المركزية تحويلهم مع آخرين للتحقيق».
تمرد، بلا مستقبل بحسب رؤية أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر محمد محسن أبو النور، الذي قال لـ»الأخبار» «إن واقع الحركة يشير إلى أنها لن تستمر ولن تتمكن من البقاء على الأرض لافتقادها عاملين رئيسيين في تكوينها، أولهما العقل المفكر والمتمثل في رجال القوات المسلحة، وثانيهما الدعم المالي والمتمثل في شبكة رجال الأعمال المرتبطين بعلاقات مصالح مع السلطة الحالية التي لا تريد للحركة أن تستمر بعد أن أدت دورها، وعليها وفق الخارطة المعدة سلفاً مغادرة الساحة أو الرضا بمقعد في مجلس النواب القادم، إذا تمت الانتخابات في أجواء نزيهة، خاصة وأن الحزب الوطني بما له من ظهير شعبي لا يستهان به لدى الفقراء فى القرى والمشايخ المرتبطون بمصالح وثيقة مع نظام مبارك الذي عاد في غلاف جديد سيكون هو التنظيم الأقوى في الانتخابات النيابية المقبلة».