غزة | علمت «الأخبار» أن عرضاً أوروبياً قُدّم إلى حركة «حماس» عبر جهة دولية لمواجهة خطوات رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إذا واصل فرض المزيد من العقوبات على القطاع، وذهب نحو التخلي عنه كلياً. في تفاصيل العرض، ستتوكل دول أوروبية بإدارة شؤون غزة من الناحية الإنسانية والمعيشية، بما في ذلك رواتب جميع الموظفين في القطاع (التابعين للسلطة أو لحكومة غزة السابقة)، لكن بشرط أن تحصل اللجنة الأوروبية حينذاك على إيرادات القطاع كافة التي يجبيها الاحتلال لمصلحة السلطة. وكي لا تعترض إسرائيل، يتضمن العرض تعهداً من «حماس» بعدم استخدام الأدوات العسكرية التي لديها لسنوات عدة (أقلها خمس)، ومنع أي تصعيد باتجاه العدو، إضافة إلى ضبط الحدود، على صيغة «الأمن مقابل الغذاء». وبينما لم تردّ «حماس» على هذا الطرح ووعدت بدراسته، أضافت الجهة المقترحة بنداً «مغرياً» يتعلق بتخصيص الدعم الأوروبي الذي كان يرسل عبر السلطة إلى غزة، ولا سيما في بنود التنمية والتعليم والصحة، للرواتب والمصاريف الإدارية عبر اللجنة نفسها.بينما لا تزال الحركة مصرّة على عدم إرسال وفد من غزة إلى مصر، يتوجه وفد آخر الأسبوع المقبل إلى القاهرة قادماً من لبنان والدوحة، وذلك للقاء رئيس جهاز «المخابرات العامة» المصرية (القائم بالأعمال)، عباس كامل، للتباحث في وضع المصالحة الفلسطينية وما آلت إليه بعد إصرار عباس على تسليم «حماس» إدارة غزة بالكامل للسلطة. وعلمت «الأخبار» أن الحركة تسلمت من الوفد الأمني المصري الذي زار القطاع أول من أمس (السبت) ورقة تضم مطالب رئيس السلطة، ومنها «تسليم الأمن والقضاء والجباية الداخلية»، وهو الأمر الذي اعترضت عليه، مطالبة المصريين بإتمام المصالحة من حيث انتهت (قبل استهداف موكب رامي الحمدالله) وفق اتفاقات القاهرة. وبينما أصرّ الوفد المصري على مجيء قيادة «حماس» في غزة لبحث الآليات اللازمة لإعادة «قطار المصالحة إلى سكته» وفق تعبير الضيوف، أصرت الحركة على زيارة وفد من الخارج في ظل انشغال قيادة الداخل في متابعة الأحداث الميدانية حالياً، في إشارة إلى مسيرات العودة التي كانت محور مطالبة مصرية بإيقافها. وأبدت «حماس» انزعاجاً من غياب الضغط المصري على «أبو مازن» لوقف عقد جلسة «المجلس الوطني» نهاية الشهر الجاري دون مشاركتها وفصائل أخرى.
في غضون ذلك، تفيد المعلومات بأن الوفد الحمساوي الذي سيزور القاهرة يضم أربعة من قيادة الخارج، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وعضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق.

«حماس» تعيش ذروة أزمتها المالية
تعيش «حماس» منذ قرابة عام أزمة مالية خانقة، لكن الأزمة وصلت إلى ذروتها في الشهر الجاري، ما دفع الكثير من مؤسساتها في مجالات شتى إلى العمل بأقل من الحد الأدنى، خاصة أن الأزمة وصلت إلى مستويات من العجز عن دفع الإيجارات عوضاً عن الرواتب لموظفيها التي باتت تصرف كل 40 يوماً بنسب تقل عن النصف. كذلك، سرحت الحركة عدداً من موظفيها في المؤسسات الإدارية والإعلامية، خاصة الذين كانوا يعملون بنظام العقود، فيما عمدت مؤسسات أخرى إلى تقليص دوام موظفيها، في ظل العجز عن توفير بدلات النقل. ومما زاد الأزمة توجيه الحركة مبالغ كبيرة من موازنتها لدعم مسيرات العودة، وصرفت 500 دولار لكل مصاب في «مسيرات العودة» و3000 دولار لكل عائلة شهيد.
سيصل وفد حمساوي من قيادة الخارج إلى القاهرة قريباً


مع ذلك، لا تزال الحركة تولي العائلات الفقيرة في غزة أهمية كبيرة ضمن ما يسمى «حماية الحاضنة الشعبية للمقاومة»، إذ وزعت خلال الشهر الجاري والماضي قرابة 4 ملايين دولار على العائلات الفقيرة. ووفق مصادر في الحركة، تعود الأزمة إلى «سياسة تجفيف المنابع التي اتبعتها الإدارة الأميركية بالتعاون مع إسرائيل ومصر». وكان لإغلاق الأنفاق والخطوات الميدانية التي اتخذها الجيش المصري سابقاً في مدينة رفح المصرية أثر كبير. وتضيف المصادر أن الدعم الذي تقدمه الجمهورية الإسلامية في إيران خلال الأشهر الماضية أنقذ الحركة من تبعات كبيرة، «لكن حجم الالتزامات المالية والمشاريع الاستراتيجية التي تعمل عليها الحركة يستنزف الكثير من مواردها، وهو ما دفع الحركة إلى الطلب من طهران زيادة الدعم لها لتجاوز الأزمة».

تشييع شهداء «الإعداد»
إلى ذلك، شيّع آلاف الفلسطينيين، ظهر أمس، جثامين أربعة من «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، استشهدوا السبت بعد انفجار عبوة ناسفة كانوا ينقلونها «خلال عملية الإعداد والتجهيز شرق محافظة رفح جنوب قطاع غزة». وتعقيباً على إعلان الجيش الإسرائيلي صباح أمس اكتشاف نفق للمقاومة شرق جباليا (شمال) «كان مخصصاً لتنفيذ هجوم كبير»، قالت مصادر مقربة من المقاومة إنها «تعلم أنه مكتشف لدى الاحتلال منذ عدة أشهر، ويبدو أنه لم يعلن ذلك آنذاك بهدف استغلال إعلانه سياسياً وعسكرياً ضد القطاع». والسبب، كما تقدر المصادر، هو «رفع الروح المعنوية لدى جنود الجيش بعد نشر شهادات تظهر حجم الانهيار الذي يعيشه جنود لواء جولاني خلال معركة الشجاعية إبان الحرب الأخيرة في غزة عام 2014».