تونس | نجحت قوات الأمن التونسية في تأمين احتفالات رأس السنة الميلادية بعد المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات بوجود مخططات لاستهداف فضاءات سياحية ومقار رسمية للدولة من تنظيم أنصار الشريعة، في ظل جدل كبير أُثير حول مشروع قانون تعويض سجناء حركة النهضة السابقين، ما يؤكد استمرار تخبّطها السياسي.
ورغم مرور الليلة الفاصلة بين عامي ٢٠١٣ و٢0١٤ بسلام، فقد استيقظت تونس على أخبار المواجهات بين الأمن ومجموعة إرهابية في مدينة سيدي بوزيد المعروفة بأنها عاصمة «الثورة» التي أطاحت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
هذه المعطيات الجديدة تزامنت مع أنباء القبض على زعيم «أنصار الشريعة» سيف الله بن حسين، الشهير بأبي عياض، في مدينة مصراطة الليبية يوم الاثنين الماضي. وتضاربت المعطيات في هذا الشأن في ظل الصمت التونسي الرسمي والنفي الأميركي والليبي، لكن كل المعطيات الاستخبارية تؤكد أنه تم فعلاً إلقاء القبض على أبي عياض، الذي صنفت وزارة الداخلية التونسية في آب الماضي جماعته تنظيماً إرهابياً محصوراً وحظرت نشاطه بعد الاشتباه في تورطه في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وتورطه في عمليات إرهابية أخرى وفي تجارة وتهريب السلاح. الا أن الشارع التونسي، رغم خطورة الوضع الأمني، لا يزال في اليوم الثاني من العام الجديد يواجه صدمة القانون الذي مررته كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي في٣٠ كانون أول بعد منتصف الليل وبغالبية الأصوات، في ظل غياب نواب المعارضة وبحضور وزير المال الياس الفخفاخ. ويقضي القانون بالتعويض للمساجين في ظل نظامي بن علي وبورقيبة وأغلبهم من الحركة الاسلامية.
ورغم أن حزبه (التكتل من أجل العمل والحريات) شريك في الحكم مع حركة النهضة، فقد رفض الفخاخ ونواب حزبه إمرار هذا المشروع.
في المقابل، دانت كل الأحزاب السياسية هذا القانون الذي أثار استياءً عاماً في الشارع التونسي، وأكد مرة أخرى عزلة «النهضة» السياسية والأخلاقية.
هذا القانون المثير للجدل دفع بعض قيادات «النهضة» الى إصدار بيانات توضيحية على اعتبار أن الصندوق الذي سيتم إنشاؤه لتعويض المساجين وضحايا الاستبداد تحت اسم صندوق الكرامة لن يتم تمويله من المال العام. لكن هذه التوضيحات لم تقنع أحداً، إذ تسود منذ أيام الشارع التونسي حالة من الاحتقان بسبب المبلغ الضخم الذي تم إقراره لتعويض المساجين السابقين، والذي تجاوز مليون ألف يورو، وقد يغير وجه المناطق الداخلية لو تم توظيفه في الوجه الصحيح بخلق فرص العمل.
في غضون ذلك، تتواصل التسريبات حول تشكيلة الحكومة الجديدة، التي يأمل التونسيون أن تضع حداً للأزمة التونسية المتواصلة منذ شهر تموز الماضي عندما تم اغتيال الزعيم الناصري محمد البراهمي، ويُفترض أن تعلن الحكومة الجديدة يوم ٨ كانون الحالي، لكن الى حدّ الآن لا شيء يؤكد ذلك، إذ رغم الاتفاق على ترشيح مهدي جمعة وزير الصناعة في حكومة علي العريض، فشلت الأطراف الأربعة الراعية للحوار الوطني حتى الآن في فرض استقالة حكومة العريض التي تواصل مهماتها، رغم أن خارطة الطريق تفترض من بين شروطها إعلان رئيس الحكومة استقالة حكومته.
وهكذا ما زال المسار الذي حدده الحوار الوطني محل شك، فيما تزامنت الأزمة السياسية والأمنية مع الأزمة الاقتصادية التي جسدتها ميزانية الدولة التي أدانتها كل الأحزاب السياسية باستثناء حركة النهضة وشريكها (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، إذ اعتبر خبراء الاقتصاد هذه الميزانية «جريمة» في حق الفقراء والطبقة الوسطى، واعتبروها الميزانية الأسوأ في تاريخ تونس منذ الاستقلال سنة ١٩٥٦ نظراً إلى «الإتاوات» والغرامات التي تم فرضها على هذه الفئة من الناس.