القاهرة | سيطرت صورة مفبركة على اهتمامات الشباب المصري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسط عزوف شبابي عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع وسيطرة كبار السن على المشهد الانتخابي، وذلك في ظلّ تسهيلات غير مسبوقة من الدولة لنقلهم إلى اللجان الانتخابية.وقد رسّخ ضعف التصويت الواضح حالة الغضب والاحتجاج الشبابي المكتوم ضد السيسي ونظامه، ما أفشل محاولات الإقناع بـ«الانتخاب السلبي» (التصويت الرافض للسيسي)، ولتجري الانتخابات بمشاركة دون 5 في المئة، على الأقل، من الشباب. أيضاً، كشفت الانتخابات للسيسي ونظامه أنّ الشباب الذين يلتقيهم في الفنادق وفي «مؤتمرات الشباب» الدورية، لا يُعبّرون عن الشباب المصري. فمن يقابلهم ليسوا الشباب المكافح الساعي إلى تحسين مستواه الاجتماعي، ولا الشباب الناقم على نظامه. من يقابلهم هم شباب خضعوا لـ«اختيارات الأمن»، على غرار ما كان يحدث إبّان حكم مبارك.
وسط هذه الأجواء، مرّ اليوم الثاني من الانتخابات بهدوء أكبر من المتوقع. هدوء لم يصاحبه حشد في أي من اللجان الانتخابية المختلفة، رغم المحاولات الشديدة التي قامت بها جهات حكومية عدة، وصلت إلى حدّ التهديد بتوقيع عقوبات جزائية على من لم يقوموا بالتصويت في الانتخابات، وجمع أسماء غير المصوّتين لإرسالها للجهات الأمنية.
مرّ اليوم الثاني من الانتخابات بهدوء أكبر من المتوقع


وفي الوقت الذي تمسّكت فيه اللجنة العليا للانتخابات بقرارها القاضي بعدم السماح للمواطنين الذين يسكنون خارج محافظاتهم بالتصويت من دون تسجيل مسبق، فإنّها قررت تمديد فترة التصويت وإلغاء ساعة الراحة، ليكون التصويت على مدار 12 ساعة بشكل متواصل. وهو الأمر الذي برّرته بأنّه أتى استجابة «لشكاوى عدة» تلقّتها، إذ إنّ «موعد الراحة يتزامن مع موعد خروج الموظفين من أشغالهم».
ونفت اللجنة وجود توجّه لتمديد التصويت ليوم إضافي، مؤكدة أنّ الإقبال «جيد»، وأنه «لم يتم رصد أي تجاوزات أو مخالفات انتخابية» على مدار اليومين، كما لم يواجه الناخبون «أي مشكلات مرتبطة بالإدلاء بأصواتهم»، فضلاً عن عدم تأخر فتح اللجان باستثناءات «محدودة للغاية» لم تتجاوز 30 دقيقة في أسوأ الاحوال.
وبالعودة إلى اهتمام الشباب المصري المستجد بهذه الانتخابات «المهزلة»، فإنّ أحد الأسباب يكمن في الاهتمام بلافتة دعائية للسيسي جرى تعديلها باستخدام برنامج «الفوتوشوب»، تتحدث عن «تأييد عائلة الشريف للرئيس السيسي لولاية جديدة، عدا نجلها العاق وليد الشريف». هذا الاسم سيطر على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار اليومين الماضيين، ليطلق الشباب حملة «كلّنا العاق وليد الشريف». وجد هؤلاء في وليد رمزاً يُعبِّر عن تمردهم على من «يُفضِّل العسكري باعتباره حامياً للدولة من الإرهاب ويتغاضى عن أخطائه الكارثية في الاقتصاد والسياسة».
صاحب صورة «العاق وليد الشريف» نشر في وقت لاحق من يوم أمس، توضيحاً يُبيِّنُ فيه أنّ هذه اللافتة ركّبها «للهزار مع أخويا، وليد» الذي يُؤيّد السيسي، إلا أنّ أسطورة «العاق» لم تنتهِ بتأييد المشير! «العاق وليد الشريف» أصبح رمزاً لأكثر من 25 مليون مصري يمثلون جيل الشباب الرافض لدعم السيسي في هذه الانتخابات الشكلية التي تجري بينما هي محسومة مسبقاً لمصلحته. جيل يرى في الرئيس الحالي شخصاً غير قادر على تحقيق طموحاتهم، أو شخصاً عسكرياً يُنفِّذُ ما يراه صائباً من وجهة نظره فحسب... أو بالأحرى: رئيس يأمر المصريين وكأنهم جنود لديه في الكتيبة العسكرية وليسوا مواطنين.

شفيق... يظهر


أدلى رئيس الوزراء المصري الأسبق، الفريق المتقاعد أحمد شفيق، مساء أمس، بصوته في أحد مراكز الاقتراع شرقي القاهرة. ويُعدُّ ذلك أول ظهور له بعد نحو شهرين من تراجعه عن خوض الرئاسيات الحالية واختفائه عن المشهد العام منتصف كانون الثاني الماضي.
وفي أوائل كانون الثاني الماضي، أعلن شفيق عدوله رسمياً عن قرار خوض الانتخابات الرئاسية، قائلاً في بيان: «رأيت أنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة أمور الدولة خلال الفترة المقبلة». وبعدها أعلن «حزب الحركة الوطنية» الذي يترأسه شفيق، تأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي. ومنذ التراجع، لم يظهر شفيق العائد حديثاً من الإمارات بعد نحو 5 سنوات من الإقامة هناك، في المشهد العام.